برغم كل جسور المحبة التي تمتد بين المحبين.. فإن هناك لحظة يغرق فيها الانسان في لجة الظنون.. والشك.. والتخمين.. فيرفع راية - الخصام - و - الخلافات - وتصبح هذه الخلافات وهذا الخصام جزءاً جميلاً في تاريخ الحب رغم كل ما تسببه من الغضب.. وربما التوتر.. لكنه غضب عذب.. وتوتر جميل.. لان الاشواق لا تهدأ.. ولان القلوب لا يتغير هتافها.. ولا نبضها. فلماذا خصام الحب يكون جميلاً؟ ولماذا خلافات الحب تبقى فوق كل الاحتمالات.. وتبقى محكومة بالمحبة مهما طالت أظافرها.. ومهما توالت أيامها؟ اليوم نستضيف (الخصام) نسمع منه جواباً. * سألناه: لماذا أنت دون كل خصام اخر.. تظل جميلاً.. قادراً على اقناعنا بحضورك؟ ** قال: لأنني لا أنطلق من الشعور بالكراهية.. او الحقد.. او الغضب المتشح بالسواد. أنا وحدي الذي أحضر ومعي كل العصافير.. والحلوى.. والفراشات. أجيء موشوماً بالرضا.. هل سمعتم عن خصام يأتي بالرضا؟ نعم اجيء محمولاً على أكف الرضا.. والشعور الجميل. * سألناه: ولكن كيف أيها الخصام؟ ** قال: لأني لا أجيء وأذهب الا وقد ازدادت العلاقة توثقا وقناعة.. انني احضر لانقي القلب من الظن والشك فالجم الغيرة بالثقة. * سألناه: ولكنك أيها الخصام ما جئت الا وشرخت النفوس.. وربما شطرت الشعور.. فكيف أنت هنا لا تفعل كل هذا؟ ** قال: انه الحب.. ولهذا ظل الحب عظيماً.. ورائعاً.. ومدهشاً.. لانه لا يتساوى مع كل الاشياء.. ولا يبقى.. ويستمر.. ويتواصل.. مثل كل الاشياء.. فللحب خصوصية رائعة لا يعرفها الا الذين توسدت قلوبهم نعمة الحب. * سألناه: وهل تأتي باختيارك ايها الخصام؟ ** قال أنا اجيء باختيار من كل الاطراف.. اجيء لأهز العصا في وجه النعاس.. والنسيان. لحظة ان يهدأ الحب من الضجيج.. والاشتعال.. أخاف من التخثر.. ومن الموت المفاجئ لهذا الحب.. فأسارع بالمجيء لاشعل فتيل الغيرة.. والترقب.. والحيرة.. والانتظارات.. من جديد. * سألناه: وهل تنجح دائماً؟ ** قال: نعم.. دائماً لانني كما قلت لكم اجئ باختيار كل الاطراف ثم انسحب برضائهم ايضا. * سألناه: كيف؟ ** قال: حين يشعر الانسان بأن هذا الخصام سينال من المحبة الصادقة في القلب.. ومن الشعور بالوفاء الذي يزدهي على الجبهة الناصعة.. يقرر بمن فيهم أنا.. الانسحاب.. لاني أكون قد أديت مهمتي بنجاح. * سألناه: وما الذي يسعدك عندما تحضر؟ ** قال: جذوة الحب التي تبدأ في الصهيل حتى تبلغ الذروة. * سألناه: ومن أي الاشياء تبحث؟ ** قال: من قناعة كل الاطراف بأني الانقاذ الوحيد لموت العواطف * سألناه: وما الذي تشعر بانه الخطأ الوحيد؟ ** قال: العناد.. احياناً يزيد العناد فيبلغ مرحلة قد تسيء الى الحب دون أن يدري احداً. * سألناه: وهل كل الخصامات في الحب جميلة.. وشهية؟ ** قال: نعم.. مهما طالت.. ومهما قويت.. فانها لا تضر ما دام ان الحب صادق. وما دام ان الأشواق صادقة.. وعميقة.. وما دام ان الانسان صاحب قلب أبيض ورحب. سألناه: وعندما تنسحب وتتوارى .. ماذا تفعل؟ ** قال: استمتع بالهمس .. والنجوى.. وأرقب الالتفاف الذي ينبثق من الشعور النبيل. * سألناه: اذاً .. أنت رائع أيها الخصام ولكنك لا تخلو من القسوة أحياناً ** قال: نعم.. أحياناً. كلام متعوب عليه أملأ هذا السراب من توقي .. أطلع فيه مشوقاً حارقاً.. وأظل أرقبه.. حتى يتوارى ثم يعود ثانية كلما صهل حنيني أبقى في الذاكرة.. الهتاف الأخير لكل العصافير المهاجرة.. تلك التي تحلم بالفضاء الأرحب. آتيك أيتها السوسنة مفعماً بنزقي.. وبقايا من ألحاني.. وشعري.. فلا أكون معك الا واحتفلت بالدنيا على كفي. أنا ..وأنت .. هذا الميناء المتعب بالرحيل الدائم.. تئن مفاصله كلما شهد نجوانا.. كأنه الشاهد الوحيد على احتدام خطانا. خطرنا في ذاكرة الزمان يوماً فأهدانا التوحد.. وأغدق علينا الأشواق حتى أصبحنا هذا التميز الجميل بين كل الناس. تعالي نفتح حقائب الخصام.. ننقيها من التفاصيل الصغيرة.. دعينا نقفل عليها بالمفتاح ثم نرميه عرض البحر. ما كانت الأشواق في الدنيا لو لم نمنحها البهاء.. وما كان الحب لو لم تكوني أبجديته الحسناء. هذا الخصام لا يليق بنا.. أنا وأنتِ حبة المطر التي تعشب الأرض فتأتي الطيور.. والفراشات.. والأقمار وتصبح الدنيا أحلى.. أحلى وأبهى. علمني هواكِ ما سر هذا الوجوم الذي نلتفع به حيناً كأننا على خصام.. أو كأن أحدنا يرفض قرار توحده مع الآخر.. يقيني أنه الشوق الذي نشعر معه بفداحة العمر الطويل اعطني هذه الابتسامة التي لا تفارقك.. ولا تفارقينها.. اعطني هذا الحسن الذي تستقبله الحياة بانشراح .. ثم تشتعل بالفرح . علمني هواكِ كيف أكون معكِ.. أكثر مما أكون مع نفسي .. وكيف أكون مع نفسي أكثر مما أكون معكِ.. لأنكِ نفسي يا سيدة عمري.. وزماني. أحلى الكلام الشعر والسحر وضوء القمر والجدول الهيمان بين الشجر والنجم خفاقا بآفاقه يغازل الليل ويرعى السمر والزهر فواحا بأغصانه والطير صداحاً يناجي الدرر وأنه الناي وهمس الوتر قد حدثت عني وعنك الخبر *** يا ساهر العينين هذي الظلال ترقرق الحسن بها والجمال جبينك الوضاح أنواره فجر تندى أم تبدى الهلال وثغركِ اللماح أسراره تبوح بالآمال أم بالدلال والخد والقد ودنياهما حقيقة أشهدها أم خيال *** يا نغمة شفافة بالوداد ونسمة رفافة بالمراد يا فرحة النشوة تطوي الأسى ونفحة الزهرة تروي الفؤاد ما أسفرت الا استنار الدجى وأسكرت الا استطار الجمال رضيت منها من نصيبي بها بالويل.. والليل.. وطول السهاد