ماذا لو تحققت الفكرة الاستخباراتية من ان العالم الذي نعرفه اليوم سيختفي في العام 2025 لأسباب متعددة ومنها تراجع الدور الأميركي وظهور قوى صاعدة مع تحول العالم إلى دول اقطاب وانتقال الثقل العالمي مما هو عليه الآن في المحيط الاطلسي إلى المحيط الهادئ أي إلى الصين واليابان ونمور آسيا وغيرها .. ماذا لو تحقق ذلك التقرير الذي قد يكون دراسة معمقة للوضع العالمي برمته في المستقبل الذي ليس بعيدا كما يقترح. لا أعتقد ان التقرير يتنبأ بقدر ما يضع تصورا مبنيا على مستمسكات ووقائع مهمة وكذلك معلومات ودراسات وابحاث لا تحصل بالصدفة ولا بالتخيل. ولأكثر من سبب تم التوصل إلى هذه النتيجة التي يتحرك العالم باتجاهها. ففي قراءتنا للمعطيات التي انبنى عليها التقرير لا بد انه لاحظ تخبط الولاياتالمتحدة ووقوعها في فخ الالتزامات الناتجة عن احتلال اراضي الغير بالقوة العسكرية مما عرضها ماليا واقتصاديا واخلاقيا وسياسيا إلى ما وصلته .. يقابل ذلك صعود صيني هام على شتى المستويات والاقتراب إلى ان تكون الصين العالم الأول بلا منازع، وصل بها الحد إلى طرح عملتها إلى جانب العملة الأميركية ان لم يكن ذلك مقدمة لأن تكون البديل عن الدولار في المستقبل. وكذلك هي حال اليابان ودول شرق آسيا بدءا من كوريا الجنوبية وسنغافورة وماليزيا وغيرها، وكلها عدّادات جاهزة لتكون البديل الحتمي لشمس مختلفة على العالم. لقد تعلمنا أن باستطاعة الرأسمالية إعادة إنتاج تجديدها من خلالها، ولأن الولاياتالمتحدة العنوان الأول في هذا التعبير، فهي المفترضة ان تتقدم تلك الخطوة، لكن على ما يبدو بعد التخلص من الأثقال الكبيرة التي تنوء بها والتي باتت تحدد مسار المستقبل لها. ان سياسة التغيير التي يدعيها الرئيس اوباما هي نوع من هذا الخلاص لكنه لن يكون نهائيا ومحددا لاميركا أخرى مختلفة .. وكما سقط الاتحاد السوفياتي على عجل نتيجة تراكمات مالية واقتصادية وسياسية وتلاعب في الأسس التي انبنى عليها، فإن ما تواجهه الولاياتالمتحدة اليوم يبدو قريبا من كل ما مر به السوفيات الذين لم يكن باستطاعتهم إعادة إنتاج التجديد فذهبت ثاني اكبر امبراطورية في طرفة عين وصارت تجربة للباحثين والدارسين عن عالم يفتقد تدريجا قواه الكبرى التي شغلت القرن العشرين وتناوبت على ادارته من قريب أو بعيد. إذا تحققت إذن الفكرة الاستخباراتية اعلاه فإن قيما جديدة ستسري في شرايين العالم وقد تكون هي صورة المستقبل الذي قد تطول اقامته إلى ان تحين ساعة أفوله بعدما يكون أكل ذاته، أو تراه استفاد من تجارب القوى الكبرى فقدم عرضا جديدا للحفاظ على مصالح الآخرين بالقوة ذاتها التي تحافظ على مصالحه، ثم ظل بعيدا عن مواقع وأمكنة الآخرين، لم يحتل ولم يتآمر ولم يفتر بغروره ولم يسقط أخلاقيا ... الخ .... مثل هذا التصور قد يتحقق بناء على مواصفات التقرير الذي يكاد يجزم بأن العالم الحالي ذاهب إلى نهايته لا محالة فاسحا في المجال لعالم آخر مختلف تماما. الوطن العمانية