وتمضي بنا رحلة العمر.. لا ندري ما يخبئه لنا القدر من أمور.. فنحن لا ندرك من علم الغيب شيئاً.. فالخالق تبارك وتعالى وحده العليم الخبير، بيد أننا نسمع المواعظ، ونقرأ سير التاريخ، والمواقف، والشواهد، والدلائل..منا من يسمع القول فيتبعه، ويقف أمام تلك المواعظ مليا فيقتدي بها.. فيعمر القلب من الخشية والذكر ويهجر كل بدعة وضلالة، وينيب لخالقه بقلب سليم خاشع، لاح له حال الآخرة فهان عليه حال الدنيا..ومنا من يسمع القول الطيب فلا يتبعه فيصول ويجول وكأنه في معركة ابتدعها وأوجدها يقذف هذا ويرمي بلسان حاد ذاك موهما نفسه أنه قد علا على الآخرين فيظهر لهم بذات مغلقة ظاهرها التودد وباطنها الحقد اللعين.. وهو لا يدرك أن العلم ليس بكثرة الرواية وإنما العلم بالخشية واتباع أفضل السبل.. ولكن كل يعمل على شاكلته.. فالعمر بآخره، والعمل بخاتمته. فما بال هذا أو ذاك إن لم يجد من يهاجمه خلق من بنات أفكاره من يتهجم عليه وناقض أصواتاً مخلصة لاتتقن غالبا إن ترتفع.. ولا تجد ضرورة في انتظار أو طلب المدح وتسعد بترسيخ الطيب والنافع. ما بال هذا أو ذاك.. يبني بيوتا دون أسس راسخة.. فهي كبيوت العنكبوت الواهية.. ولا يمشي إلا في ظلام الهوى يهجره الاصدقاء اللهم الا المطبلين المنتفعين من مجاراته.. ويعزل نفسه بأعماله ويبتعد بسوء خلقه عن الأخلاق الفاضلة لا يترفع عن الزلات.. ويتقوقع في دائرة مغلقة وحدود محددة رغم ما يحيط به من حب وإخاء صادق في الشكل والمضمون وهو لا يعلم.. ولا يدرك أن الدنيا لا تساوي نقل الأقدام.. فكيف يعدو خلفها هذا العدو السريع أفلا يعلم أنه في الدنيا قريب، وعابر سبيل وأنه ملاق رب العالمين؟ ص.ب 52986 -جدة 21573