الحياة بما رحبت في أعين البعض ضيقة جدا .. ينظرون إليها بمنظار يختلف عن نظرة الآخرين إليها.. لا يستمعون إلا لما يروق لأنفسهم وينفرون من أحاديث قد تعود إليهم بنفع يقوم ما اعوج في مسيرة حياتهم.. فإذا أبديت لهم صنيعة .. أو قدمت لهم عوناً معنويا.. أوجسوا في ذواتهم خيفة مما بدر منك .. وابتعدوا عنك .. وليتهم يكتفون بذلك .. بل يلوكون ألسنتهم بما يجرح ويمس سيرتك ويطلقون عليك ألقاباً بعيدة عنك: فيلسوف، دعه إنه يرى نفسه .. وأمثال هذا الكلام..! وتالله إننا جميعا محتاجون للنصيحة .. فديننا دين نصيحة ووعظ وارشاد وهو ايضا دين حب وتآلف، وإخاء. وقد تكون النصيحة.. صادرة من صديق يبديها لصديق رأى منه ماكدر ذاته من أفعال وأعمال فأراد تقويم خله بكلمات صادقة .. مبعثها الحب والقصد الحسن وقد تكون قبل هذا وذاك .. من أب حنون وأم كريمة وأخ عطوف .. ولكن لعمري كيف نتقبلها من شخص ماكر يروغ من الآخرين كالثعلب فما يخبئه في قلبه ليس على لسانه يقابلك بوجه وما أن تتركه ينزل عليك كالحية الرقطاء ينهش في سيرتك أمام موهماً نفسه أنه المدرك بخفايا الأمور وأنه صاحب فضل على الجميع يرى أعمال الآخرين مجرد اشياء تافهة حتى لو شهد واشاد بها العارفون حقد لعين .. وغيرة شديدة تعتريه .. فهل نتقبل منه "نصيحة" أو مجرد حديث .. بلى فرغم ذلك دعونا نتقبل ونفتح له الصدور ونحسن الظن بكل ما يقدم لنا نصحه. ولست ابرئ نفسي .. فلكل منا أخطاء .. تختلف من شخص لآخر .. ولكن الاعتراف بها حق وفضيلة .. أما التمادي والانغماس فيها رذيلة.. وأي رذيلة فدعونا نقوّم أعمالنا وأفعالنا ودعونا نتسامح .. لتعلو الابتسامة شفاه الجميع ودعونا نتصافح فليمدد كل منا يده للآخر.. ودعونا ننظر للآخرين .. نظرة حب .. نظرة احترام وأن نمد لهم يد التشجيع ونحثهم على المثابرة لا أن نثبط عزائهم. هكذا علمنا ديننا .. فالمسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا فلنتمسك بتعاليم ديننا ..ولتكن بواطننا خيرا من ظواهرنا .. يجب أن نطهر أنفسنا ودخائلنا من البغضاء والكبر والعجب والنفاق وكل الصفات السيئة .. ونحل محلها المحبة والتواضع وكل الصفات الحميدة التي تفضي بنا الى كسب رضاء الله ورسوله ..وننال بذلك خيري الدنيا والآخرة. ص.ب 52986 جدة 21573