علينا أن نتعلم كيف نتذوق الكلمة قبل أن تطبق عليها أشداقنا، وعلينا أن نتعلم وقعها قبل أن ننعيها كل يوم من جديد ..أن الألم هو ما نعرفه . يجرح أحاسيسنا .بيد أننا نبتدعه كل يوم ..والألم في حد ذاته ابتداع رهيب يتهاوى مع صاحبه، وهو نهاية تأتي قبل الأوان ..اكتب هذا منتحبا وقد رأيت كيف يصارع الأخ أخاه، والصديق صديقه فهل ثمة ما يُقال ! ؟ . وهل عقل الإنسان متكافئ مع نزواته حتما إنه غير ذلك، رغم أننا بشر ونتصف بالإنسانية على الدوام ..إلا أننا في عصر نرى فيه البعض ينسج شباكه للآخرين ..مغلوب .وغالب ..ونعود بعد ذلك ننتحب ..وتظهر آلام ..ليس للبعض وقت للكلمات فرؤوسهم تختال كالطواويس مع ضجيج الألفاظ دون أن يدركوا أن الزجاج يتحطم مرة إثر مرة ..وتعوي أصواتهم وتخبئ أيديهم وجوههم من ظلم الآخرين ..ويستيقظ الضمير وتقفز الكلمات ..أو كان بوسع الكلمات أن تصبح ضماداً للجروح؟ ترنيمة موتى ..وجرسا يقرع ..وصمتا مطبقا ..ونضحى نسير نشيع الكلمات على وقع موسيقى وضجيج ذوات منكسرة جريحة ..لا أنفث فزعا إنما أخلو بذاتي وأسند رأسي إلى ايقاع نبضات قلب جريح ..فما زلت على فطنتي ..ولم أتوقف، وسأستعصي على الجراح .. فهذا كل ما أمسيت به ليلتي ..ولا مزيد للكلمات .. إن ساعات الزمن تتوقف عند ظلم الإنسان لأخيه الإنسان ..فتتعكر الذات بين ردهات يوم عاصف ..ليست له رشاقة ..فمن أين تحصل على ا لضوء وقد اطفأنا بحدقنا الوجوه المضيئة بعينين واجفتين ..لم تستطع استيعاب الخطى وايقاعات المحبة .. لأنها تعيش داخل جسد جرد من معانيه . ..وجروح لا تبرأ أبداً .. بيد أنه لا بد لكل إنسان أن يعاني من المتاعب سواء كانت من وليد المحبة ..أو وليد بغضاء ..يكمن في قلبه الحقد للآخرين . إن البعض منا يحيا هذه الحياة ..وكأنه يعيش الدهر كله ..هذا في مفهومه وإدراكه المحدود الضيق ..غير عابئ بأن هناك بعثاً ونشورا ..وأنه سوف يلاقي ربه يوم تنتهي دورته ويتوقف قلبه عن النبض ..انه لا يعلم أن الدنيا مجاز والآخرة وطن ..فتجده متشبثاً بحجارتها وأردانها ..يقدف هذا ..يجمع المال من ذاك ما استطاع لا ليسخره في انفاق خير متعادل ..ولكن دون ذلك فكيف يكون عاقلاً من باع الجنة بشهوة ساعة أو أقل منها . ولعمري فقد أفلح من أسلم ورزق كفافاً وقنعه الله بما أتاه ..فليدرك هؤلاء أن أعلى الهمم همة استعد صاحبها للقاء ربه بعمل صالح وأداء نافع ..فلنكن في الدنيا كغرباء وعابري سبيل فالمال وحده لم يكن في يوم من الأيام الجسر الموصل للنجاح .. فخيرنا من أدرك أن الخلق وحسن العمل هما عنصرا الفلاح ..فالمرء بعمله وحسن خلقه، وتركه للمعاصي والشهوات، واتباع ما أمر به الخالق تبارك وتعالى ..والنار قد حفت بالشهوات والموت فوق ذاك وذاك حق ..وأن إلى ربك المنتهى . فأين أنت من هذا ..وذاك؟ !! ص . ب 52986 جدة 21573