يستطيع أي إنسان أن يتملك عقارا في أي دولة تحقق له الاستقرار المادي والمعنوي، وتختلف القيود من دولة إلى أخرى بحسب مساحة الدولة وعدد سكانها وعرقياتها وما إلى ذلك من أسباب دينية واجتماعية وسياسية أخرى،لكن ما هي الحكمة من عدم السماح للأجانب (غير السعوديين) بالتملك في المملكة؟ ما هي الإشكالية، ماهيتها وأين تقع؟ لا أدري، ولكن بالتأكيد لن يكون السبب اقتصاديا أو "مساحيا"، فمن منظور إقتصادي إن السماح للأجنبي بالتملك في هذا البلد الشاسع المتنامي الأطراف يعود بالنفع على القطاع العقاري وتزيد من انتعاشه وتحد من تدفق المدخرات النقدية للعمالة الأجنبية إلى خارج البلاد وتوجيهها نحو الإستثمار في السوق المحلي فتتحقق وفورات مالية كبيرة، من شأنها أن تساهم في تسريع عجلة الإقتصاد وتحقيق زيادة في النمو، فهل من المصلحة الوطنية أن يقوم 6 ملايين أجنبي بعملية تحويل في إتجاه واحد لما يزيد عن 60 مليار ريال سنويا دون أدنى إستفادة للإقتصاد الوطني منها، ولا سيما في ظل عدم السماح للأجنبي ( خصوصا أصحاب الوظائف الدنيا) بإستقدام عائلته والبقاء معه، فبدلا من أن يصرف ثلثي الراتب داخل المملكة ويحول الباقي إلى بلده، أصبح يحول 90% من الراتب إلى عائلته لأنه مقيم بمفرده ولا يصرف إلا الشئ اليسير، وقد رأينا في خطوات سابقة نحو الإصلاح الإقتصادي كيف سمح للأجنبي تملك أسهم داخل الصناديق وهى بداية جيدة، حتى يتم تمكينهم من الإستثمار المباشر في سوق الأسهم في مرحلة لاحقة، فالإتجاه نحو تملك الأجانب للعقارات ودخولهم سوق الأسهم وإستقدام عوائلهم يحقق وفورات إقتصادية تصل إلى 50 مليار ريال سنويا ويشكل نقلة نوعية من ثقافة الإستخدام أو الإستغلال والتي تقوم على أساس النظر إلى الأجانب الوافدين على أن وجودهم مؤقت، يعملون بأجر،ثم يحولون ما يتقاضون إلى الخارج دون أي قيود وبعد إنتهاء هذه الأعمال يغادرون البلاد، إلى ثقافة شراكة إليهم تنظر بواقعية وإستراتيجية واعية من شأنها أن تؤدي إلى إحداث تطوير في العلاقة معهم، سواء كان ذلك على الصعيد الإقتصادي بإيجاد قنوات للشراكة معهم والعمل على الإستفادة من طاقاتهم وخبراتهم ومدخراتهم في عملية التنمية الإقتصادية والإجتماعية، أو على الصعيد الأمني بإيجاد عناصر تدعم إرتباطهم بالمملكة بمصالحهم بما يجعل كلا منهم يسعى للحفاظ على أمنها وسلامتها،إن ما جعلني أتطرق لهذا الموضوع هو ما نشر عن موافقة مجلس الشورى بالأغلبية على إجراء تعديل المادة الأولى من المرسوم الملكي رقم 44 وتاريخ 29 11 1377 ه بشأن الرسم المقرر على ثمن عقارات الأجانب عند انتقال ملكيتها عن طريق الهبة أو التنازل بلا مقابل، وسؤالي للمسؤولين انه طالما يجوز انتقال العقار إلى الأجنبي عن طريق الهبة، فهل بإمكان الأجنبي شراء عقار بمدخراته ويسجله باسم سعودي يثق به وبالاتفاق معه، ومن ثم يهب ذلك الأخير العقار للأول، فتؤول ملكية العقار للأجنبي، ويكون ذلك بمثابة مخرج أو حل لتلك المعضلة. [email protected] فاكس 026602228