كتب الزميل الأستاذ خالد السليمان في زاويته اليومية بصحيفة عكاظ مقالًا بعنوان “الباب يفوّت جمل” روى فيه قصة اثنين من أصدقائه يمثلان أنموذجين مختلفين، تعكسان حقيقة من واقع الحياة، الأول كان اقتصاديًا وينوي الهجرة إلى أمريكا مع أن راتبه الشهري يفوق راتب وزير المالية على حد قوله، والثاني المثقف والذي عاد لتوه من القاهرة بسبب الأوضاع هناك، الكاتب الذي وجه اللوم لهما بشدة وانتقد إقامتهما خارج الوطن بنبرة حادة ولغة قاسية خصوصًا في آخر فقرة من مقاله (إن من يجعل وطنه خصمًا له هو إنسان لا يعاني من اضطراب في مشاعره فحسب وإنما من عجز في القدرة على فهم الوطنية بمعانيها الوجدانية التي تمثل الانتماء الفعلي، فما يربط الإنسان بوطنه ليس وثيقة ورقية، وإنما جذور تمتد في أعماق التراب، ومشاعر تضرب في أعماق الوجدان!! هؤلاء الساخطون الذين يختارون الرحيل إنما يختارون في واقع الأمر الهرب من مواجهة مسؤولياتهم تجاه وطنهم، فإصلاح الأخطاء والمساهمة في مواجهة المشكلات والتصدي للسلبيات هو المواطنة الحقيقية!!) وليسمح لي الزميل أن أختلف معه في رأيه التي ولربما قاسها بظروفه الشخصية وأحواله المادية أو بوضع عائلته التي لم تجرب الجوع ولا تعرف ضنك الحياة، هل يعلم الكاتب عن الأسباب التي جعلت هذا المواطن وغيره يهجر وطنه وأهله ويقيم في بلدانًا أخرى بعد أن قدم حياته فداءًا لوطنه وأفنى عمره في خدمة مجتمعه دون تململ أو تهرب، ففي “مصر” وحدها على سبيل المثال بلغ عدد السعوديين المقيمين بها نصف مليون - حوالى 50 ألف عائلة - كثيرًا منهم اضطر للإقامة بها لأن راتبه التقاعدي أو دخله لا يكفيه لأن يعيش حياة كريمة في بلاده. أما البعض الآخر يرى حقه في أن يختتم حياته في بيئة مناسبة ومناخ ملائم ومجتمع متصالح مع نفسه بعيدًا عن العقد والتشدد والازدواجية والإقصائية والتفرقة والتمييز والعادات المملة والتقاليد الخانقة والتمسك ببعض الشعارات واللافتات التي تحمل رائحة القبلية والمناطقية، هل يمكن لك أن تتخيل يا صديقي العزيز أن هناك ثمة شخصًا تتوفر له سبل العيش الهانئ في بلاده ويختار غيرها، إن من يفرض على الإنسان مكان إقامته عوامل كثيرة قد لا ندرك جلها أنا وأنت وليس من العدل والإنصاف والحكمة أن نصف هؤلاء بالساخطين ونشكك في وطنيتهم واتهامهم بالتهرب من مواجهة مسؤوليتهم فقط لأنهم يقيمون خارج وطنهم وإلاّ فهناك مئات الملايين من البشر سيطالهم اتهامك. فاكس: 026602228 [email protected]