توقفت آلة الحرب (الإسرائيلية) المدمرة في قطاع غزة، وانتهت القمم العربية، وآخرها بطبيعة الحال قمة الكويت الاقتصادية، التي لم تكن اقتصادية بحتة وإنما تداخلت فيها السياسة بفعل محرقة غزة. أقول انتهت قمة الكويت بمكاسبها وخسائرها، لأن الوضع العربي لم يكن منفتحا على كل المبادرات المطروحة من الأطراف المعنية التي انقسمت إلى معسكري الاعتدال والممانعة، ومن ثم تكاثرت الخلافات التي اعترضت نجاح قمة الكويت. ونالت مبادرة السلام العربية النصيب الأكبر من الخلافات السياسية، بالإضافة إلى الخلافات حول المبادرة المصرية للتوصل إلى حل دائم في غزة وإتمام مصالحة فلسطينية فلسطينية، وذلك في ضوء التناقضات التي شهدتها القمة بين ما اقترحته قمة قطر بتعليق المبادرة العربية وتجميد العلاقات مع (إسرائيل)، والورقة التي رفعها وزراء الخارجية العرب لقمة الكويت كتوصية للقمة تدعو للمضي بالمبادرة العربية ولا تشير إلى قطع العلاقات وتؤيد المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار بين حماس و(إسرائيل). ولعلنا نشير هنا إلى الموقف العربي الشجاع الذي عبّر عنه الملك عبد الله بن عبد العزيز في إعادة الاعتبار إلى مبادرة السلام العربية كأساس للتسوية المنشودة والتذكير بها وتوجيه الرسالة الواضحة لجميع قوى العالم ول(إسرائيل) بأن هذه المبادرة لن تبقى على الطاولة دائما وأبدا إن لم تجد طريقها للتنفيذ والتطبيق. كان لإشكالية مبادرة السلام العربية سبب في تراجع التفاؤل بأجواء المصالحة التي تمت في اليوم الأول لقمة الكويت عبر مصافحة قادة السعودية وسوريا ومصر وقطر بوساطة كويتية. وعادت أجواء الشحن والتنافر مع الوصول إلى صياغة وصيغة البيان الختامي عن القمة. وقد نقول إن القمة نجحت في سحب لغم كان من الممكن أن يدمرها تماماً، واتفق المشاركون على صيغة بيان ختامي عام لا يشير إلى القضايا السياسية الخلافية، بما يعني استمرار الخلافات تحت السطح وأن مصافحات اليوم الأول لم تنه مشكلات قائمة وصعبة. إن معسكر المعتدلين تمسك بأساسيات العملية السلمية واعتماد مبادرة السلام العربية كمرجعية أساسية لعملية السلام مع التأكيد على ضرورة مراجعتها وأنها لن تظل طويلاً على الطاولة، وهذا سيشكل الأمل العربي الوحيد حيال تجاهل (إسرائيل) لها، وعلينا عدم صب الزيت على النار، خاصة إذا أشرنا إلى كلمة الرئيس السوري بشار الأسد والذي تمسك بنهج المقاومة وضرورة مراجعة عملية السلام في الشرق الأوسط، فهو هنا تحدث عن ضروريات أساسية في العملية السلمية أيضا، لأنه لا يجب ان يستمر موقف العرب من السلام رهينة للمواقف (الإسرائيلية) التي لا تتحرك أبدا صوب السلام، وإنما توغل في التطرف والكراهية والعدوان. وثمة مكتسبات أو فوائد على المستوى العربي أفرزتها المرحلة السابقة رغم مآسيها الفلسطينية، ومنها مبادرة ملك السعودية التي تهدف إلى لم الشمل العربي وإنهاء الخلافات وإحياء التضامن العربي واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية ومواجهة آثار العدوان (الإسرائيلي) على قطاع غزة بوحدة فلسطينية فورية ووحدة عربية في الموقف للتصدي للعدوان وآثاره، وإنقاذ الحقوق العربية، ومواجهة التحديات التي تواجهها أمتنا العربية. عن دار الخليج