كان عدد الحارات بالعاصمة المقدسة مكةالمكرمة اثني عشر حارة، ولكل حارة عمدة ونقيب وخادم، وكان العمدة يعرف سكان محلته واحداً واحداً إذ كان الحيز محدوداً، ولقد سمعت ممن أثق في صدقه ان العمدة اذا كان جالساً فوق المصطبة (الدكة) يجلس النقيب خلف تلك الدكة على كرسي فاذا مرَّ شخص ليس من أهل المحلة فبإشارة من العمدة (بنظرة عين) يقوم النقيب ويمشي خلف ذلك الرجل ليعرف أي دار يدخلها، فان لم يدخل أي دار وتعدَّى حدود الحارة يعود النقيب ليخبر العمدة بأن الرجل خرج من الحدود (هكذا كان الحال أيام زمان) أما اليوم فان شيخ الحارة لا يتمكن (مهما أعطي من إمكانية) فقد اصبح عدد الحارات حوالى السبعين، وعدد السكان زاد بنسبة ألف في المائة، ومع ذلك أخبرني (من يلحقه العلم) ان الشيخ محمود سليمان بيطار عمدة محلة الهجلة يعرف اكثر من 50% من سكان محلته معرفة تامة، والنصف الثاني لا يخفون عليه، ثم أن مجلسه لا يخلو في اكثر الاوقات من وجهاء محلته ومن غير محلته (ومهمة هؤلاء الرجال النظر فيما يطرح من مشاكل، يدرسونها ويضعون لها الحلول) وهذا الحال كان قائماً أيام زمان، وكان العمدة يرسل مع النقيب الشخص الذي يرى توقيعه (44) ساعة الى الكراكون - وكان يطلق عليه - سجين العمدة - ووددت برصد ذلك قاصداً ان يعرف من لا يعرف. وقريبا دعيت لحضور حفل تكريم عدد من المتقاعدين بمكةالمكرمة وبعض الرجال الذين على رأس العمل ولهم مواقف مشرِّفة في خدمة المحتاجين. وكنت انا احد المكرمين المتقاعدين وكان عمدة الهجلة من بين المكرَّمين المباشرين لأعمالهم. فقلت للمسؤول الذي رعى الحفل نيابة عن سمو الأمير ان هذا العمدة يستحق ان نطلق عليه (عمدة العمد) تقديراً للأدوار التي يقوم بها في كل المناسبات، فقال المسؤول اقترح ان يؤسس معهدا يدرِّس فيه العُمد الواجبات والسلوكيات التي يفترض ان يقوم من يتولى العمودية بها. واذا كان الشيء بالشيء يذكر فإن رجل الاعمال الاستاذ مصطفى فؤاد رضا والاستاذ د. حسن الحجاجي والاستاذ ابراهيم امجد والاستاذ علي بشاوري والاستاذ عبدالرحمن المقرن واللواء مدير شرطة الحرم الشيخ يوسف مطر والاستاذ د. عاصم حمدان واللواء المتقاعد الاستاذ محمد جعفر شيخ جمل الليل والشيخ طلعت علي سابق وغيرهم (جنود مجهولون) يعملون في صمت ولايرغبون ذكر اسمائهم ولكنني اسطرها اعترافاً بجهودهم وللتأسي ايضا زادهم الله قوة وايمانا واثابهم، ولهم وافر الشكر وجم التقدير والله لا يضيع اجر المحسنين مكرراً الشكر للشيخ محمود سليمان بيطار، وفي شكر سعادة وكيل الامارة الاستاذ د. عبدالعزيز الخضيري للعمدة الانسان الشيخ البيطار خير شاهد، فسِر يا حبيب والله معك خير نصير وظهير.