كان يوماً آخر وهو يستقبل ذلك النهار الحزين.. وقف خلف خصاص النافذة.. يترقب خروج صاحب العمارة.. آه.. هاهو اخيراً يفتح باب سيارته ألقى نظرة على واجهة العمارة.. سقط على ارض الغرفة خشية ان يراه.. هذا خامس شهر لم يسلم "أجرة السكن" انه يترقبه في الخروج.. والدخول ليهدده بالطرد.. تحركت السيارة.. تنفس الصعداء.. ضرب بقبضته الريح.. مرق سريعاً ليصل الى مكان - الحافلة - عيناه تراقبان الطريق خشية ان يعود صاحب العمارة ليشاهده.. ليسمع "دشاً" جديداً من التقريع.. والتوبيخ. اندفع داخل "الحافلة" كأنه يتوارى بنفسه لم يفكر طويلاً في قيمة "المشوار" أسند رأسه على ظهر المقعد أغمض عينيه.. كأنه يسترجع الماضي القريب عندما بدأ أول خطواته في هذه المؤسسة وهو يتحسس طريقه الى عالم الفكر والادب.. والثقافة.. والصحافة.. فهذه مصابيح النيون في شارع "الصحافة" تلهب وجدانه من الداخل.. كل يوم يضع رأسه على كفه ويخاطبه بكل أحلامه: أين كل هذا؟ أين هو الآن؟ هاهو بعد سنوات الكد.. والسهر.. والعمل واللهاث.. لا يعرف كيف يتصرف الآن مع سائق الحافلة! تذكر عندما قدم من بلاده حاملاً كل الآمال وكل التطلعات التي أصبحت شيئاً كأنه السراب الآن. تذكر ان ابنته في حاجة إلى حليب..!! علي محمد حسون