يقول الحق تبارك وتعالى: "ومن يتوكل على ا لله فهو حسبه"، وقوله رجل شأنه: "وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا". يخطئ بعض المسلمين في تفسير معنى التوكل على الله، فهناك فريق يدعو الى الاخذ بالأسباب والوسائل لبلوغ النجاح في الحياة وتحقيق التطلعات ببذل الجهد والعمل واتخاذ التوكل على الله طريقاً يسلكه. فيما يرى فريق آخر ان التوكل يعني التواكل، فلا يسعى الانسان على رزقه ولا يعمل عملاً، بل ينقطع الى العبادة، على امل ان رزقه سيصله. انه التوكل المقيت الذي لا يقره الله ولا رسوله. لكن التوكل على الله شيء يشبه الوقود او الطاقة التي تحرك في المسلم آلة العمل وتدفع به الى خوض معترك الحياة. يعمل ما في وسعه الجهد لان عمارة حياته قاعدتها العمل. لقد كان اول عمل اندفع اليه المسلمون متوكلين على الله: عمارة مسجد قباء. لم يركن المسلمون الى التواكل لينشئ لهم اول مسجد في الإسلام، بل اخذوا بالأسباب فشمروا عن سواعد الجد لبناء المسجد وكان في طليعة البناة الرسول صلى الله عليه وسلم، حمل بيديه الشريفتين مواد البناء ليعطي اصحابه، بل امته كلها على امتداد الحياة، القدوة في العمل وعدم الركون الى الدعة والراح، بل والسعي الى الرزق وليس الانتظار ان يسعى الرزق اليهم، ذلكم هو معنى التوكل المصحوب بالعمل والأخذ بالأسباب لبلوغ الغايات. حسين محمد العسكري