- كثير من الأحلام تموت عند أول عائق يحول دون تحولها إلى واقع، ولكن هنالك أشخاصًا يتحدون كل الظروف والعوائق التي تقابلهم، من أجل تحقيق أحلامهم على أرض الواقع، والدكتور "عبدالله الناهسي" هو أحد الأشخاص الذين سعوا إلى ذلك . ووفقًا لموقع "العربية نت" تم الاتصال بالدكتور "عبدالله الناهسي"، لمعرفة قصة تحوله من حارس أمن إلى دكتور بنفس الجامعة، وكيف تغلب على الظروف في ذلك . "الناهسي"، من مواليد مدينة أبها، نشأ ودرس التعليم العام بقرية يعراء- شرق أبها 100 كم، توفي والده وهو في نهاية المرحلة الثانوية، وتأثر بوفاته كثيرًا كونه الابن الذي يساعد والده ويعتمد عليه والده كثيرًا كون أخيه الأكبر يعمل معلمًا في الحدود الشمالية، وهذا ما جعله يعيد مرحلة الثالث ثانوي، حتى يستطيع الحصول على نسبة أعلى، تؤهله للالتحاق بالجامعة من أجل تحقيق حلمه . أنهى "عبدالله" الدراسة الثانوية، وغادر قريته الصغيرة هاربًا من عالم القرية الصغير، متوجهًا إلى مجتمع أكثر اتساعًا وفرصًا، حيث اتجه للعاصمة الرياض، وذلك بعد عودة أخيه الأكبر إلى القرية، وتولى رعاية أسرته . وصل "عبدالله" إلى الرياض، وكان هدفه هو الحصول على وظيفة، ولكنه لم ينجح في الحصول على وظيفة، وانتهى به المطاف بأن يسجل كطالب في جامعة الإمام "محمد بن سعود" الإسلامية، حيث تم قبوله في قسم الدعوة والإعلام، على الرغم من أنه كان لا يرغب بالدراسة الجامعية، ولكن المكافأة الطلابية الشهرية كانت الدافع الأساسي للدراسة والاستمرار بالجامعة . بدأت الدراسة، وأصبح "عبدالله" طالبًا جامعيًا، ولكن هاجس الحصول على وظيفة لا يزال يطارده، لذلك أصبح يبحث عن وظيفة مسائية، إلى أن سارت به الصدفة إلى لوحة الإعلانات الموجودة بالجامعة، حيث وجد إعلانًا عن وظائف حراس أمن للجامعة، وكان المسئول عن الوظائف الأمنية هو شخص من نفس قبيلته، ولكنهم من الذين غادروا قريته الصغيرة منذ فترة طويلة، ولكن قرابته من هذا المسئول لم تمكن "عبدالله" من الحصول على الوظيفة، لأن النظام يمنع طلاب الجامعة من العمل في نفس الجامعة، حتى وإن كان في وقت لا يتعارض مع جدوله الدراسي، ولكن قريبه كتب له توصية على ورقة صغيرة "لا يزال عبدالله يحتفظ بالورقة إلى الآن"، حيث مكنته هذه الورقة من الحصول على وظيفة حارس أمن بجامعة الملك سعود، حيث كان يبدأ عمله من الساعة الثانية ظهرًا إلى العاشرة مساءً، وهذا يعني أن لدى "عبدالله" فقط ساعة واحدة بين دراسته وعمله . أنهى "عبدالله" دراسة البكالوريوس، وكان صاحبه من أهالي المنطقة الشمالية "حارس الأمن" في العمل المسائي، الذي هو في الأساس حاصل على بكالوريوس، ولكنه لم يجد وظيفة تتناسب مع شهادته، لذلك أجبر على قبول العمل كحارس أمن، وكان "عبدالله" وصاحبه يدخلان إلى القاعات الدراسية ليلًا ليعيشوا شعور أعضاء هيئة التدريس، وكان هنالك طموح يشغل بال صديق "عبدالله" في إكمال دراسته للماجستير في الأردن، ومع حديثه عن هذا الحلم، أشعل نفس الطموح في نفس "عبدالله" لدراسة الماجستير في الأردن، كونه قريب من السعودية جغرافيًا، وكذلك كونه يحتوي على أفضل الجامعات العربية . حصل "عبدالله" على البكالوريوس، وكان خلال عمله كحارس أمن يلتقي بالدكتور "عبدالله العثمان"، الذي كان يسأل "عبدالل"ه عن طموحه بعد التخرج، فكان يجيبه أنه يحلم بالحصول على فرصة ابتعاث خارج السعودية بعد التخرج، وبالفعل حقق الدكتور "عبدالله العثمان" حلم "عبدالله"، حيث يشغل منصب وكيل وزارة التعليم العالي، وابتعث إلى جامعة "اليرموك" بإربد في الأردن، واستطاع الحصول على شهادة الماجستير في الفلسفة، وبعد ذلك تزوج "عبدالله" من أخت أحد الطلاب الذين جمعتهم الدراسة في مرحلة الماجستير، حيث كانت زوجته تدرس السنة الأخيرة من البكالوريوس، لذلك اضطر إلى مواصلة الدكتوراه في نفس الجامعة، من أجل أن يكون بجانبها، لذلك حصل هو على الدكتوراه وهي أنهت البكالوريوس والماجستير معه . دراسة "عبدالله" في الأردن لم تتح له تعلم اللغة الإنجليزية، لذلك حاول الحصول على بعثة إلى أميركا أو كندا من أجل الحصول على اللغة، ولكن لم يتمكن من ذلك، ولكنه لم ييأس وبحث عن طريقة آخر، وكان الحل هو الاستعانة بأخته بالتقديم في مشروع خادم الحرمين الشريفين، فأصبح "عبدالله" مرافقًا مع أخته، وبعد وصوله إلى كندا لم تستطع السفارة فتح ملف له كون ملف دراسته في الأردن لم يغلق إلى الآن، وهذا ما جعله لا يستطيع الحصول على مكافأة مرافق، ولا حتى يستطيع الدراسة، وانتظر قرابة الخمسة أشهر، وهو يحاول حل هذه المشكلة. وبعد هذه الفترة الطويلة استطاع "عبدالله" الحصول على وظيفة في السفارة السعودية، وعمل بها قرابة الشهرين، ولكن لم يستمر بالعمل كون النظام يمنع التعاقد مع السعوديين خارج السعودية، لذلك ترك الوظيفة، ولكن تم حل مشكلة ملفه في الأردن وتم صرف مكافأته المتأخرة بأثر رجعي، واستطاع "عبدالله" التسجيل في معهد خاص باللغة الإنجليزية، وأنهى المستوى الأول لدراسة اللغة، وفي هذا الوقت شارفت تأشيرة "عبدالله" على الانتهاء كونها لمدة عام واحد فقط، لذلك قرر العودة إلى الرياض، وخاصة أن أخته المبتعثة تزوجت وأصبح زوجها هو المرافق لها في السفر. عاد "عبدالله" إلى الرياض وكان قد ادخر جزءًا من المكافئة التي كان يتقاضاها، وكذلك الراتب في كندا، وكانت قرابة 15 ألف ريال، وهذا المبلغ استطاع من خلاله استئجار شفة صغيرة لعائلته، حيث دفع إيجارها عشرة آلاف ريال، وجعل باقي المبلغ مصروفًا حتى يستطيع أن يحصل على وظيفة مرة أخرى . عاد الدكتور "عبدالله" إلى صاحبه حارس الأمن واستعار سيارة الأجرة التي يملكها، كون صحابة يعمل فترتين، وهذا يجعله لا يستطيع العمل عليها، لذلك استعارها "عبدالله" للعمل عليها، من أجل أن يوفر المال، حيث إنه لا يملك أي مصدر دخل حاليًا، وكان الدكتور "عبدالله" يعمل سائق أجرة، ويبحث عن وظيفة في نفس الوقت، وبعد ثلاثة أشهر حصل على وظيفة مشرف أكاديمي في عمادة السنة التحضيرية بجامعة الملك سعود، وبدأ عمله في الجامعة وهو يأتي إليها بسيارة الأجرة، فكان بعض الموظفين والطلاب ينظرون إلى الدكتور "عبدالله" نظرة ازدراء كونه يقود سيارة أجرة، ولكن كانت هذه النظرة الزائفة لا تؤثر فيه كونه يعرف جميل هذه السيارة التي كانت مصدر دخله، وسبباً في حصوله على الوظيفة . بعدما استلم الدكتور "عبدالله " أول راتب من وظيفته، قام بإجراء صيانة لسيارة الأجرة التي يملكها صديقه، وأعاد السيارة إليه، وشكره على مساعدته خلال الفترة السابقة . استمر الدكتور "عبدالله" في عمله بجامعة الملك سعود لمدة ثلاث سنوات، بعدها كلف بإدارة السنة التحضيرية في جامعة الجوف لمدة عامين، وبعدها غادر إلى أميركا، من أجل تعلم اللغة الإنجليزية، وعاد إلى جامعة الملك سعود مرة أخرى، وحاليًا يبحث عن فرصة العمل في القطاع الخاص، من أجل الحصول على تدريب في الجوانب الإدارية، للبدء في مشروع تعليمي خاص به . حارس الأمن الذي كان رفيق "عبدالله" والذي أشعل به حماس مواصلة التعليم العالي، هو أيضًا أكمل الماجستير، وحاليًا يعمل في وزارة الخارجية بقسم التطوير.