عندما تقرأ هذا السؤال البسيط حتما ستتوقف تبحث عن إجابة له داخل أعماقك ، فهو يحتاج عمقًا في التفكير قبل الشروع بالإجابة ، كأنك ستقوم بمقابلة خاصة لذاتك على انفراد . هل تعلمون أن هناك من الشخصيات لا تعرف ذاتها فقد تعيش أغلب حياتها في سوء إدارة لها بسبب عدم معرفته بها ، والعجيب أن أغلب حل مشاكلها يكمن في معرفة هذة الذات نفسها. تأملوا حال الكثير من الشباب والشابات في هذا الجيل الحالي على اختلاف أعمارهم ، أغلبهم يعيش حياة هامشية ، متخبط ، تائه ، لا يعرف شخصيته ، ماهي قدارته ، مهاراته ؟ ماذا يحب ؟ ماذا يكره ؟ ماذا يريد أن يكون ؟ ماهي نقاط قوته ، ضعفه ؟ الكثير منهم بلا أهداف أو طموح ، يعاني من سوء إدارة لحياته من جميع جوانبها ، وينكشف هذا السوء عندما تتحاور معه سواء في العالم الواقعي أو العالم الافتراضي ، لاحظوا كيف مستوى التفكير عندهم ، وانهزامية الذات المريضة ، فالكثير منهم أخذ دور المظلوم و الضحية حتى يجد له أعذار واهية تريح ضميره ، ينشر سموم سلبيته على من حوله كأنهم مسوؤلين عن حال الذي أغرق نفسه فيها بإرادته وبإختياره ، والحقيقة الحل بيده لو كان يعرف ذاته جيدا لاستطاع أن يغير و يعالج الخلل الذي جلبه لحياته . تكبر المعاناة عندما يرتبطون بما يكون مثل حالهم ، اتوقع عرفتم كيف يكون الحال عند وجود الأبناء فالمسألة تكون كتوارث بين الأجيال وهذا ما نراه اليوم من بعضهم فالحال الذي هم عليه جزء كبير منه له علاقة بطريقة التربية التي تلقاها على يد الوالدين. إذا لنطرح على أنفسنا هذا السؤال ماهي الذات ؟ أنا و أنتم عبارة عن سمات في شخصية ، مشاعر ، أفكار ، معتقدات ، سلوكيات ، نقاط القوة و الضعف ، مهارات ، قدرات ، قناعات ، ميول ) فحين يعرف الإنسان هذة الأمور عن ذاته يستطيع أن يجعلها ذات قوية ، وكذلك يكون لدية القدرة على معالجة آي خلل يظهر في أحد هذه الأمور لأنه يعرف إين يكمن . فالذات لها ثلاث مكونات أساسية : أولها الصورة الذاتية : يقصد بها الطريقة التي نرى بها أنفسنا وتشتمل على مانعرفه عن ذواتنا كسمات الجسدية و صفات الشخصية والوضع الاجتماعي وغيرها ، لكن هذه الصورة دائما لا تنطبق مع الواقع فبعض الشخصيات تبني تصورات ذاتيه إما ايجابية أو سلبية . ثانيها تقدير و احترام الذات : يقصد بها مدى رضانا عن أنفسنا، تعتمد المستويات الفردية من احترام الذات على الطريقة التي نقيم بها أنفسنا، وتتضمن هذه التقييمات مقارنة أنفسنا بالآخرين وكذلك آراء الآخرين فينا ، عندما نقارن أنفسنا بالآخرين ونجد أننا أفضل في شيء ما أو عندما يكون هناك رد فعل إيجابي من الناس نحو ما نقوم به، فإن احترامنا لذاتنا ينمو، ومن ناحية أخرى، عندما نقارن أنفسنا بالآخرين ونجد أننا لسنا ناجحين في مجال معين أو أن الناس يستجيبون سلبا لما نقوم به، فإن احترامنا لذاتنا يتناقص. ثالثها الذات المثالية : يقصد بها التي نريد أن نكون عليها ، وغالبا يكون هناك فرق بين الصورة الذاتية للشخص والذات المثالية، ويمكن أن يؤثر هذا التضارب سلبا على تقدير الشخص لذاته. لذا حتى تصل إلى مرحلة التوازن في ذاتك من جميع جوانبها لابد أن تتعرف عليها جيدا و تطورها حتى تكون ذات فعالة وقوية لها بصمتها الواضحة في الحياة ، فالله تعالى أعطانا أقوى أداة تساعد على النهوض و والإرتقاء بهذه الذات هو ( العقل ) لذا نّميه وطوره من خلال العلم واستخدمه بذكاء و تعرف على ذاتك فهي التي تستحق أن تهتم بها لأنها تمثل كيانك الذي تراه أنت و تريد أن تظهره للآخرين . --‐---------------------------- بقلم الكاتبة مها الجهني