قبل ما يقارب من 48 عام كنا مجموعة من ابناء المنطقة في مدينة جدة جمعتنا الوظائف والدراسة وفي أحد أيامنا الجميلة تلك زارنا أحد أحبابنا من منطقة عسير وكان من بروتكولاتنا بعد تناول العشاء أن نصعد إلى الدور التاسع من فندق بهاء الدين في أعلى سوق قابل لاحتساء القوة والشاي وخلال جلوسنا أنظم إلينا زميل آخر يبدو أنه لم يتناول العشاء بعد فطلب ساندويتش وعندما احظره النادل اخذني فضولي فسألت هذا الزميل (ماهو هذا كنه مرد قتره) فضحك الجميع على التشبيه ومرَد القترة للذي لا يعرفه هو عبارة عن قطعة خشبية مبرودة من شجر الطلح أو العرعر أو السدر توضع بإحكام خلف درفة النافذة التي غالباً ما تكون هذه الدرفة وصلة واحدة وذلك من الداخل لضمان عدم فتح النافذة من الخارج ومرت السنون ليتكرم ويزورني في بيتي قبل فترة وجيزة جداً ذاك الضيف الذي زارنا في جدة قبل 48 ويذكرني بذلك التشبيه العفوي ويذكرني بتلك الايام الجميلة والصحبة الجميلة أيضاً وتلك الأمكنة التي لطالما تسارعت إليها خطوات شبابنا بحثاً عن سويعات نقضيها في ردهاتها وقت فراغنا .. أمسيت في ذاك المساء وانا استعيد تلك الذكريات التي لفها النقاء والأخوة الصادقة التي لم يتملكها الإهتمام بالماديات بعد... فرقتنا ظروف الحياة عن بعض ولكنها لم تفرق القلوب التي عاشت على النقاء والطهر والحمية المحمودة... شكر الله لأخي وصديقي الحبيب الداعية والمثقف علي بن عبدالرحمن بن محيا عسيري الذي أعاد لي الذاكرة إلى تلك الأيام والامكنة فقد نفض عن ذاكرتي غبار السنين.