أصعب ما يمكن أن تقوم به هو تصدير الألم للآخرين خصوصًا إذا ما علمت بأنه يتألم فتزيده ألمًا.. أما الأكثر إيلامًا فهو عندما لا تشعر بمقدار ما تحدثه من ألم لغيرك، أو تصر على كل ما تفعل غير آبه بما يحدث له..!! (1) .. والسؤال الأهم: أي قلب خلي من الهم؟ وأي قلب لا يتوجع؟..!! كل القلوب مليئة وفيها من الحزن ما يكفيها وإيلام قلب متألم أصلاً يصل به حد الإدماء..!! (2) .. في هذا الزمن بكل ما يحويه من ضغوط قد لا تجد قلبًا سليمًا من الانكسار حتى أولئك الباسمون تحت شفاههم جراح تنزف..!! (3) استوقفتني عبارة تقول: (لا تؤلموا أحدًا، فكل القلوب مليئة بما يكفيها). إنها تجسد الحال في هذا الزمن الصعب.. وإذا كنا نتهادى الآلام بحكم ضغوطنا ومتاعبنا فليتنا نحسن الكف عن إيلام قلوب قد تكون ملآى بما فيها..!! (4) .. وتختلف مشارب الألم فهناك ألم الموت وهو أشدها على الاطلاق، حيث تشعر بأن روحك ترافق جثمان غاليك وكأنها لن تعود بعده..!! (5) .. وهناك ألم المكلومين على فراش المرض ولا يقوون على الحراك.. يعيشون موت الحياة وحياة الموت..!! (6) .. وهناك ألم الظلم وبالذات ظلم ذوي القربى.. فما أشد أن تقع عليك ظليمة من قريب تحبه...!! (7) .. وألم الفقد للعزيز والحبيب هذا غربته غربة روح، إنها قد لا تختلف كثيرًا عن ذاك الذي فارقك جسده، بل أحيانًا يفوقه، فذاك يحجب ألمه التراب، وهذا لا يحجب ألمه إلا ألمه..!! (8) .. وهناك ألم الفقر وألم العمل وألم الأهل وآلام.. وآلام.. وكأن حياتنا في حقيقتها قطعة من ألم..!! (9) .. والقلوب الموجوعة أنواع.. قلب ينزف من الداخل لكنه يمتص الألم ولا يكاد يستبينه أحد.. وقلب يتحرق حتى يذوب فلا يقوى على الكمد.. وقلب كالصخر يستنكف أن يلين للمواجع..!! (10) .. وفي المقابل فإن أشد من يمنحك الألم هو ذلك الحبيب القريب.. انه يعصرك من داخلك، يخنق أنفاسك، يضغط على نبض قلبك، وهو قد يتوجع مثلك، لكنه يقسو عليك وعلى نفسه، وأنت تزداد ألمًا، فمن يذبحك هو ذاته من كان يمنحك الحياة ذات يوم..!! (11) .. (يا سادة).. القلوب ملآى بما فيها فلا تزيدوها ذبحًا بحد السكين.. امنحوا كل قلب تصادفونه وردة بيضاء فلعلك تخفف عنه احتراقه من الداخل وأنت لا تدري...!! (12) .. (يا سيد) الألم.. آلام البشر تراكمية.. فلا تدفع بها حد الهلاك..!!