« لم يشغل الموت عنا مذ أعد لنا ،،، وكلنا عنه باللذات مشغول». الموت قرين الحياة، فلا حياة بلا موت ولا موت بلا حياة، وهذه الحقيقة يعرفها الناس كلهم، لكنهم يخدعون أنفسهم بالتناسي للموت والتغافل عنه، حتى إذا ما فجعهم بحبيب تنبهوا لغفلتهم وأدركوا حقيقة حياتهم. فاجعة الموت تحل فتخطف الأحبة وتخطف معهم القلوب المتعلقة بهم. وفقد الأحبة بالموت تجربة لها وقع في القلب كلسع الجمر، تورث حسرة وقهرا وانكسارا في الروح خاصة حين يكون الأحبة فلذات الكبد، فليس هناك حب كحب الولد. لظى فقد الأولاد بالموت لا يضاهيه شيء، ومهما قيل عن حرقة ألم فقدهم لا يمكن أن يبلغ في الصدق درجة إحساس من جربه واكتوى بجمره، لذلك نجد في شعرنا العربي قصائد رثاء الأولاد من أكثر قصائد الرثاء صدقا وأشدها إثارة للعواطف، فهي لايوازيها في صدق المشاعر ما قيل من بكائيات في غيرهم كرثاء الآباء والإخوان والأزواج أو غيرهم من الأحبة، حتى بكائيات الخنساء في أخيها صخر على شهرتها، لا تبلغ في عنفوان العاطفة وتفطر الكبد بالحسرة مبلغ ما قيل في بعض قصائد رثاء الأولاد. ومن أشهر مراثي الأبناء مرثية ابن الرومي في ابنه التي منها: بكاؤكما يشفي وإن كان لا يجدي فجودا فقد أودى نظيركما عندي بني الذي أهدته كفاي للثرى فيا عزة المهدى ويا حسرة المهدي طواه الردى عني فأضحى مزاره بعيدا على قرب، قريبا على بعد لقد أنجزت فيه المنايا وعيدها وأخلفت الآمال ما كان من وعد وأنت وإن أفردت في دار وحشة فإني بدار الأنس في وحشة الفرد وإذا كان ابن الرومي لا يرى غضاضة في أن تبكي عيناه فقد من كان عنده نظيرا لهما، فإن أبا ذؤيب الهذلي يكابر ويأبى إظهار الألم مهما اشتد به وعناه، فرغم أنه تعرض لكارثة ليس من السهل تحملها، حيث فقد أبناءه الخمسة بمرض الطاعون في عام واحد، وهي كارثة فادحة من المتوقع أن تطيح بمن تنزل به، إلا أنه يظل متماسكا يبدي الجلد ويدعي الصبر. يقول في رثاء أولاده: أمن المنون وريبها تتوجع ،،، والدهر ليس بمعتب من يجزع أودى بني وأعقبوني حسرة ،،، بعد الرقاد وعبرة لا تقلع ولقد حرصت بأن أدافع عنهم ،،، وإذا المنية أقبلت لا تدفع وإذا المنية أنشبت أظفارها ،،، ألفيت كل تميمة لا تنفع وتجلدي للشامتين أريهم ،،، أني لريب الدهر لا أتضعضع. ومن شعرائنا المعاصرين محمد حسن فقي الذي اكتوى بفقد ابنة له فرثاها بقصيدة تعكس ما في قلبه من قوة الإيمان والاستسلام لأمر الله: وما أنا بالذي أشكو اكتوائي ،،، ولا أنا بالذي أنعى ابتلائي لقد فوضت أمري منذ أمسي ،،، ومذ يومي إلى رب السماء رضيت بكل رزء حين يرضى ،،، فإن رضاءه أوفى الجزاء. فاكس: 4555382-1 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة