قد يعصف بنا بحر الحياة وقد تعاندنا أمواجه العاتية بين حينٍ وحين .. ولا يعني ذلك أن الحياة ضدنا أو تعادينا ، إنما ذاك التغير والتقلبُ من سُننها ، ولولا شدائدها .. لما صُنِع الرجال .. نعم ياصديقي ؛ الحياةُ ليست بذلك السوء .. فكم بداخلها جمالٌ لا يستطيع رؤيته إلا بحَّارٌ ماهر يعرفُ كيف يستخرجُ لآلئها من أعماق بحارها .. عرف كيف يقود سفينته وسطَ أمواجها .. وتعلم كيف يعيد توجيه بوصلته لتهديه إلى المسار الصحيح . يجيد التحكم في دفته وأشرعته ولا يترك سفينته تحركها رياح الهوى كيفما شاءت . بحَّارٌ جعل تقوى الله بوصلته والإيمان طوق نجاته وجعل من الصبرِ زادَ رحلته .. تلك هي الحياة .. تعلم كيف تحياها وتستمتع بكلّ لحظاتها وإن لم تخل من كدر .. فلوانتظرت لحظات الصفاء ؛ لربما طال انتظارك .. لا تنتظر أن تبتسم لك الحياة لتسعد .. بل اسرق أنت منها السعادة .. اصنعها بنفسك .. اصنع تلك اللحظات حتى داخل نوبات غضبها ، اجعل لك ابتساماتٍ وأنت في جوفِ المحن .. فتلك الابتسامات هي من سيمنحك بعد الله تعالى القدرةَ على مواصلة المسير في دربك وإن طال .. هي حبل التفاؤل والأمل الذي عليك أن تتمسك به حتى لا تسقط في هاوية اليأس .. فكثيرا ما تعصف بأحلامنا عواصف الخيبات وتذروها مع الرياح بعيدا .. ومع هذا ليس هناك وقتٌ للبكاء على لبن أحلامنا المسكوب .. بل علينا أن لا نفرط في لحظاتٍ صغيرة وتفاصيل أصغر .. تهدينا شيئا من سعادة وابتساماتٍ بين العبرات .. تعلم كيف تستخرج تلك اللحظات مهما اختلفت الظروف .. ترقبها في جنبات الكون وستجدها .. فقط افتح نوافذك على مصراعيها وابحث عنها بعين تجيد رؤية الجمال .. قد تجدها تكتسي الصبح الجديد .. أو قد تكن في بسمةِ الطفل الوليد .. في دروبٍ قد كستها الشمسَ نورا .. بين زهرٍ يملأ الدنيا عطورا .. في ثمارٍ أزهرت وقت الربيع .. في ابتساماتٍ أبتْ في وقت حزنٍ أن تضيع .. وتذكر يا صديقي .. ان السعادة تنبع من داخلك أنت ، لا من تلك الأشياء التي تتبدل من حولك .