مرت انتخابات غرفة أبها في الدورة الجديدة بمنعرج النعرات القبلية الجاهلية، ونتوءات المزايدات الرخيصة، والعصبية المقيتة هكذا كان المشاهد العام لانتخابات غرفة أبها التجارية الذي يعيدنا للوراء مئات السنين. حضرت احدى الدورات الانتخابية قبل أربع دورات ووجدت اللغة المتداولة تنشر الكراهية والاحقاد والتعصب، ووصلت الأمور للمشادة الكلامية، وكادت تصل للاشتباك بالأيدي وكانت الألفاظ الجارحة، والسباب علنية، من أجل مناصب دنيوية لا تقدم ولا تأخر، وخجلت من هذه المشاهد المؤلمة التي وصلت للمحاكم والقطيعة بين الأصدقاء، لذا قاطعت الدروات السابقة عنوة وعدت للدورة الجديد وليتني لم أعد حيث تساقطت القيم الدينية والاجتماعية، وتعاظمت النعرات وتسابقت الحناجر والأيادي نحو الناخبين حتى وصلت للشحاتة والأذلال والاحراج. لا يهم من فاز ومن خسر الذي يهم لماذا نقحم القبيلة في الفزعات للتصويت؟، ولماذا يمارس المرشحون هذه الوسائل الاستجدائية للناخبين ؟ ولماذا تسيطر العواطف على القناعات؟ وإلى متى تؤدي وزارة التجارة والجهات المعنية الفرجة على مسرحية هزلية بهذا الشكل؟ وكيف يتم التصدي للغة العنصرية والفكر الجاهلي قبل استفحاله، وقبل تغلغله في المجتمع؟ كنت أتمنى أن يقدم كل مرشح برنامجه الانتخابي بشكل علني في مؤتمر يسبق العملية الانتخابية وكل مرشح يقنع الناخبين بطريقته، ثم يغيبون في اللحظات الانتخابية تلافيا للإحراج، وضمانا للحرية والقناعات، وكنت أتمنى التوازن بين المحافظات والمناطق بحيث كل محافظة تنتخب ممثلها بعيدا عن مزايدات المرشحين القادمين من خارج المحافظة ، وكنت أتمنى تحرر الغرفة من سيطرة التحزب القبلي على هذه المقاعد منذ تأسيسها للتخلص من العصبية والتناحر وإن وأخواتها. مرشحي مدينة أبها سقطوا أمام مرشحي خميس مشيط بالضربة القاضية نتاج قوة التأثير على القبيلة، وتقاعس أبها وسكانها عن مواكبة الاحداث، لذا لا أعتبر مرشحي مدينة أبها وضواحيها خاسرين في هذه الانتخابات المهزلة، بل سكان أبها وأعضاهم المسجلين في غرفة أبها هم الخاسرين لآن ثقافتهم لم ترتقي لمستوى التنافس الشريف أو لآن تيارهم تم تقزيمه أمام تيار مدينة خميس مشيط. هل أبارك للفائزين بالعضوية حتى وأن أتت بنعرات قبلية يرفضها الدين وناموس الحياة؟ أم اعزي أبها وسكانها في موت الضمير ونومهم في عسل الوهم على حساب رجال حاولوا خدمتهم وتطوير غرفتهم ولم يجدوا المساندة الفعلية؟ يبقى الأمل في أمارة المنطقة ووزارة التجارة لتصحيح الوضع بتعيين أسماء قادرة ومقتدرة ومتمكنة من أدواتها ضمن الخمسة المعينين لعلهم يصمدون أمام تكتل القبيلة الفائزين بالانتخابات الشكلية، ولا عزاء للنائمين والمتقاعسين احفاد "عرقوب" ومسيلمة الكذاب.