أحيانا تنتقل من مكان إلى أخر و لا زال روحك وفكرك في المكان الذي تحبه و كان أحبتك و من كان بينك وبينهم صداقة وذكرى طيبة لا تبارح خيالك بل أنك تجد نفسك معهم بخلجاتك و سكناتك و تذكر كل جميل و كل كلمة أو حركة و تطورها و تصورها في خلدك وتبني بها قصورا بل جبالا من الخيالات و القصص ليس إلا لحبك لهذا الحبيب أو الصديق الذي مكثت معه سنين ربما عرفت ماذا يقصد حتى من خلال نظراته أو حتى ملامح وجه أو حتى نبرات صوته. وقد يرحل أو ترحل معه بفكرك وعقلك مع بقاء القلب والجسد لكنه الفراق قال الشاعر: قالوا الفراق غدا لا شك قلت لهم ****** بل موت نفسي من قبل الفراق غدا نعم ... نعم إنه ألم الفراق ... ألم الصديق لصديقه ... ألم وداع رجال كنا نعدهم من الأحباب و نعتز أننا يوما مكثنا معهم يقول شاعر المهجر إيليا أبو ماضي عن الفراق وألمه: طرتم بأجنحة المنى إذ طرتم ****** و لحدثتنا عن أعشاشكم و أخف من ألم الفراق جهنم يوم ****** الفراق كظمتم آلامكم تعصى البكا؛ حزن الجبابر أبكم ****** و بكى الأحبة حولكم و جفونكم و مطامح خلف البحار تسلم ****** أيد تودع موطنا و عشيرة فاخترتم الدنيا الوساع لتحلموا ****** ضاقت على أحلامهم تلك القرى نصبت لكم كي تصعدوا فصعدتم ****** و حسبتم شم الجبال سلالما لذوي الطموح و أنتم أنتم هم ****** و الشمس منجم عسجد متكشف وعند قرأتي لبعض الأشعار استوقفني هذا البيت: لا يعرف الشوق إلا من يكابده ****** و لا الصبابة إلا من يعانيها وكأن الشاعر يصف ما أشعر به إي والله لا يعرف ذلك إلا من يعانيها ويكابدها يعرف ما المقصود بهذا البيت والذي يصف تجربة مرة لهذا الشاعر جعلته ينطق بما فيه ويصور ذلك ببيت شامل واف. وفي هذا المقام تذكرت وداع الصديق وفراقهم وكيف أن الأخ يصعب وداعه والحبيب عند ما تودعه تتلعثم الكلمات و تخونك العبارات في وصف ذلك الموقف ولا تستطيع أن تفوق من سكرتك إلا بعد فترة تستطيع أن تبين ما في خلجاتك و ما في داخلك اتجاه ذلك الحبيب أو الصديق أو الأخ التي لم تلده أمك ولذلك قال الشاعر: قل للأحبة كيف أنعم بعدكم****** و أنا المسافر و القلب مقيم. عذبيني بكل شيء سوى الصد ****** فما ذقت كالصدود عذابا. و قد قادت فؤادي في هواها و طاع ***** لها الفؤاد و ما عصاها. خضعت لها في الحب من بعد عزتي و كل **** محب للأحبة خاضع. و لقد عهدت النار شيمتها الهدى ****** و بنار خديك كل قلب حائر. عذبي ما شئت قلبي عذبي فعذاب الحب أسمى **** مطلبي. بعضي بنار الهجر مات حريقا و البعض أضحى **** بالدموع غريقا. قتل الورد نفسه حسدا منك ***** و ألقى دماه في وجنتيك. اعتيادي على غيابك صعب و اعتيادي على ***** حضورك أصعب. قد تسربت في مسامات جلدي مثلما قطرة الندى ***** تتسرب. لك عندي و إن تناسيت عهد **** في صميم القلب غير نكيث. فقلت: - نعم أزف الرحيل ... أزف الرحيل فوداعا فوداعا أخي ... أزف الرحيل و سالت أدمعي فوق الخدود و زادت لوعتي ما كنت أحسب أن الفراق يهزني حتى رأيت منه ما هالني تركتني بين الرفاق مهوجسا و متمتما هلا بقيت و أرنو بطرف دامعي كتبت ألف قصيدة في داخلي و رميت ألف ألف قصيدة في خاطري راحت بي الذكرى لأول ملتقى و ذكرت موقف الأبطال في شدتي كيف أنسى والسهوم تفتك هامتي فوجدت من يبني العزوم و يعتلي صبت السهوم التي أرنوا لها بعزيمتي فوجدت سهم من بعيد غائر لا شك سهم فراق الأخ موجع شق القلوب بصمت أدهم و بدل الفرح الطويل بالليل حالك أسود والصبح شق الليل بنور ساطع لابد أن نلتقي و هذا موعدي فوداعا أخي في غربتي و محنتي فالله يرعاك و يعلي منزلك ويجمعنا في روضة بين الأحبة موطن مرداس 2020 Goha2020 @ hotmail.com