ما أصعب الفراق.. ما أصعب لحظات الوداع الأخير.. ويزداد الألم مع وداع من نكّن لهم المحبة والمعزة الصادقة التي بُنيت عبر سنين طويلة تجسّدها المواقف الأخوية السامية والأخلاق الرفيعة والعشِرة النبيلة.. في يوم الأحد 22 رمضان 1432ه (21 أغسطس 2011) فاجأتنا الأقدار برحيل مبدع كبير لا يمكن أن نتخيّل ساحة الفن والشعر والغناء والرياضة والإبداع في بلادنا الحبيبة دون أن نذكره ونذكر عطاءاته الكبيرة في كل هذه المجالات.. فهو واحد من أبرز فرسانها.. إنه الأمير محمد العبدالله الفيصل يرحمه الله.. محبو الأمير الراحل كثر.. جميعهم -بلا استئناء- صُدموا بخبر الوداع.. صُدموا لأنهم لا يتخيلون عدم رؤيته بعد اليوم وهو الذي كان قريبًا من الجميع.. بابتسامته.. بنظراته.. بآرائه وفكره.. محمد العبدالله الفيصل.. اسم كبير في ساحة الإبداع.. اسم بُني من عطاء وإخلاص.. من الصعب جدًا نسيانه.. المبدع الكبير صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة بدا عليه التأثر الكبير برحيل ابن أخيه ورفيق دربه الطويل، فجادت قريحته بقصيدة رثاء في الراحل الإنسان، قصيدة ينبض فيها كل حرف بمعان صادقة الإحساس، تتقاطر منها أسمى عبارات الوفاء والود والحزن الدفين.. في قصيدته «عطّار الأخلاق» ترجم سمو الأمير خالد الفيصل أحاسيس وأحزان كل عشاق الأمير الراحل، فتحدثت أبيات قصيدته بالنيابة عنهم، تعبّر عما يجوش في دواخلهم من ألم الفراق وحزن الوداع.. يقول سمو الأمير خالد الفيصل: «وجه الرجال إللّي فقدته محمد قرمٍ إذا تطاولت روس الاعناق». ويستذكر الفيصل سنوات العمر مع الفقيد الكبير فيقول: «رفيق دربي من شبابي إلى أمس صديق عمري في ظلامه والإشراق». ويصف الفيصل مشواره الإبداعي مع الراحل الكبير، فيقول: «في رحلة الأيام زاملني أشعار تناثرت في صفحة العمر بأوراق». ياله من كلام صادق.. كلام نابع من القلب الجريح.. أوفى وأروع الحروف هي تلك التي تخرج من أعماق الحزن والصدمة، لأنها تأتِ عفوية. وهذا ما يشعر به كل من يقرأ مرثية الفيصل التي جسّدت وعبّرت عما في نفوس كثيرة. رحم الله الفقيد الكبير صاحب السمو الملكي الأمير محمد العبدالله الفيصل.. والعزاء نرفعه لأسرته الكريمة، ولأبنائه، ولمحبيه، ولعشاقه، ولجمهوره الكبير الذي سيفتقده دائمًا.. وعزاء خاص لسمو الأمير بندر بن فهد بن خالد.. هذا الإنسان النبيل الذي ربطته علاقة كبيرة بالراحل الفقيد، وكان من أشد المتأثرين بهذا الرحيل المفاجئ، وقد لوحظ على سموه مدى تأثره البالغ بهذه الفاجعة، ولكنها إرادة الله ولا راد لقضائه.. سمو الأمير بندر بن فهد سطّر حزنه وألمه الشديد بقصيدة معبّرة صادقة الأحاسيس، وعبّر عن فجيعته بهذا البيت، فيقول: «مع فراقك أصبح الهم همين افراق أخو.. وافراق عضدي اليميني». ويمنّي سمو الأمير بندر بن فهد نفسه الحزينة المفجوعة، ويقول: «عزاي إني شفت حب الملايين جموع ف وداعك على كل لوني». ويختتم الأمير بندر قصيدته بحب كبير يحمله في أعماقه تجاه الفقيد، فجسّد هذا الحب العميق في هذا البيت: «صعب الفراق على قلوب المحبين يا ليتهم يا خوي عزوك فيني». أحاسيس مفعمة بالصدق والحب.. الأمير المبدع الفنان بندر بن فهد عبّر عما في نفسه المتألمة، فجاءت أبيات قصيدته تحمل كل أحاسيس الصدق والوفاء والحب.. آآآه.. رحم الله الحبيب الإنسان الأمير محمد العبدالله الفيصل. ------------------------------------------------------------------------ عطّار الأخلاق غصّيت باللحظة وفاجاني فراق وتحت الثرى واريت عطّار الاخلاق وجه الرجال إللي فقدته محمد قرمٍ إذا تطاولت روس الاعناق ناس يعيقونك وناس يعينون أما أبو تركي وقفته ساعد وساق رفيق دربي من شبابي إلى أمس صديق عمري في ظلامه والاشراق ما اذكر نهار ما لقيته سنادي ولا بعد شفته على رفقتي ضاق في رحلة الأيام زاملني أشعار تناثرت في صفحة العمر بأوراق نمضي وتبقى للمشاعر ملاذا للحالم الطامح من الناس ترياق وداع يا صافي السريرة محمد وداع ياللي للمواجيب سباق
رثاء الشاعر الأمير خالد الفيصل
------------------------------------------------------------------------ أحن لك واشتاق وأدورك وين أحن لك واشتاق وأدورك وين وم..ألقاك واسأل عنك ماضي سنيني سبعين عام ومنزلك مقلة العين واليوم نازل منزلك دمع عيني مع فراقك أصبح الهم همين افراق أخو وافراق عضدي اليميني أنت الوفي إذا فقدت الوفيين صديق راضي بي بشيني وزيني عزاي إني شفت حب الملايين جموع ف وداعك على كل لوني يالله عسى منزْلك روض وبساتين فأعلى مكان مع.. سيد المرسليني يا محمد الدنيا غدت قاب قوسين تضيق بي ْوكنها ما تبيني صعب الفراق ْعلى قلوب المحبين يا ليتهم يا خوي عزوك فيني. رثاء الشاعر الأمير بندر بن فهد.