تتعسر القضية السورية وتزداد سوءاً وتعقيدا,وهذا هو ما أُريد لها من أخطر لاعبَين في الشرق الآوسط (اسرائيل وإيران),فهما الحليفان المتفقان ضد أهل السنة والجماعة,وضد التفوق العربي الذي لم يُولد بعد,وهما الخصمان المتنافسان على الهيمنة على المنطقة وعلى التسلح النووي,وهذا التنافس هو السر في تأخير القسمة الاقليمية بينهما,ولعل هذا من لطف الله ورحمته بالعرب! منذ أكثر من عام والثورة الشعبية ضد بشار الاسد ونظامه تتأجج يوماً بعد يوم,وتتزايد المعارضة,ويكثر المنشقون والمهاجرون, غير أن القتل يزداد ضراوة,ويتصاعد التعذيب والتنكيل,والخراب والدمار من قِبَل بشار وزبانيته,ومن قِبَل المتحالفين معه! ولا غرابة أبدا,أن تحرص إسرائيل على أمنها واستقرارها ووجودها, في أرض العرب,ولا غرابة أن تحافظ دبلوماسيا وإن اقتضى الآمر فعسكريا,ليبقى نظام بشار الآسد الموروث عن والده حافظ, الذي سلَّم الجولان لإسرائيل,وحرس حدودها الشمالية من أي تسلل جهادي سني ضدها, وأوهم العرب طويلا أنه القومي العربي الاصيل, وأنه المناضل الصادق الذي لم يُطبِّق مع إسرائيل اتفاقيات سلام كبعض الدول المجاورة لإسرائيل..غير أنه هو الذي فاوضها من تحت الطاولة,وأحبها وأحبته,وقدم لها كل ماتريد! غير أن الخيار العسكري لإسرائيل لن يكون في صالحها وهي تعلم ذلك,لآنه سيفتح عليها ابوابا جهادية, ويُضعف علاقاتها أو قد يقطعها مع الدول العربية المطبِّعة معها,وهذا يُعدّ خسارة فادحة بالنسبة لها,ولكنها قد تفعِّل هذا الخيار الصعب,حين تصبح سوريا دولة اسلامية سنية, وستكون إيران متحالفة معها جهارا نهارا دون تقية أو مجاملة, والدليل على هذا هو تصريح حسن نصر اللاة زعيم حزب اللاة اللبناني الذي, قال وبكل صراحة,ليهدد السنة القادمين الى قمة الهرم في سوريا,(سنتصالح ونتحالف مع اسرائيل لو استولى الإسلاميون السنة على الحكم في سوريا)! لهذا فإيران الآم الرؤوم لحسن نصر اللاة,هي التي أملت عليه هذا القول وهي التي ستنفذ جميع الطلبات الإسرائيلية,من أجل بقاء بشار النصيري الذي يَحْرمُ الجهاد في معتقده الفاسد,ومن أجل بقاء إسرائيل العمق الاستراتيجي الخفي لإيران الصفوية,ضد الدول السنية!!! وفي خِضَم هذا الحدث السوري الشائك,وفي ثنايا هذه الدوامة المتضاربة,فإن الحقائق بدت للناس واضحة جلية,ولم يعد هناك شك في تواطؤ الدول الكبرى والكثير من دول العالم , وبعض دول المنطقة ,مع نظام بشار الاسد,فقد كانت هذه الآزمة فاضحة للدول والانظمة والمنظمات الدولية المتواطئة, لكنها في نفس الوقت, كانت كاشفة عن حقائق الصادقين المخلصين للشعب السوري والآمة الاسلامية, كموقف المملكة العربية السعودية الثابت والمتميز,الذي تبين للناس جميعا,في تصريحات خادم الحرمين الشريفين,وردِّه على السياسة الروسية,وبيانات مجلس الوزراء السعودي المشرِّفة, وكذلك في مساعي وزير الخارجية الآمير سعود الفيصل, الحثيثة لحماية الشعب السوري والدفاع عنه في المحافل والمؤتمرات! ولعل المتابع لمجريات الاحداث السورية,يستنتج منها أنها كانت فاضحة, لكل من الدول والآنظمة والهيئات الدولية التالية: 1 فضحتْ النظام السوري وعرته أمام العالم بأسره,وأنه عميل لإسرائيل منذ أن استولى حافظ الاسد على الحكم,وأن الممانعة والقومية التي يدندن عليها هو وابنه بشار كذب في كذب,وبينت للناس مدى الوحشية والدكتاتورية التي يؤججها ضد شعبه. 2 فضحت حزب البعث العربي الاشتراكي أمام مؤيديه من البسطاء والاتباع,وبينت أنه سند لإسرائيل في الآزمات,وأن مؤسسه ميشيل عفلق لم يكن غافلا عن هذا ابدا. 3 فضحت حزب اللاة اللبناني المسمى(حزب الله) وبينت للناس حقيقته وأنه من ألد وأشد أعداء هذه الآمة,وأن الممانعة والنضال الكاذب المزعوم,ضد اسرائيل ليس إلا اتفاقيات معها يخدم بها مذهبه الصفوي,المعزِّز لإيران في المنطقة,ويخدم اسرائيل التي سيتخذها حليفا مساندا ضد الحكومات السنية في المنطقة. 4 فضحت الدول الكبرى وعلى رأسها امريكا,وبينت للعالم أنها تريد لنظام بشار الاسد البقاء,وأن هذا التباطؤ والتأخر في مساعدة الشعب السوري,ليس إلا أمَلاً في أن يقضي بشار على الثورة السورية, فتصريحات أوباما وكلنتون وساركوزي,باهتة باردة, فحين يخرج أوباما,ويصرح بتصريح هام للعالم اجمع,ويقول (سيسقط بشار قريبا,ولن يستمر طويلا) ثم يعود مرة أخرى ليقول يجب أن يتوقف بشار عن قتل شعبه,وكذلك ساركوزي قال بهذا, إنهم يقولون هذا من أجل لفت إنتباه العالم أنهم ليسوا وحوشا ولايرضون بدكتاتوريات الآنظمة وأنهم من المناصرين الحقيقيين للشعوب المضطهدة,ومن الديمقراطيين الذين لايتوقفون أمام الحريات,غير أن كلنتون,حين خشيت من انتصار الثورة السورية,قالت(نحن لانرى تسليح الجيش السوري الحر)! إنهم هم الذين كانوا يرون ومنذ الاسبوع الآول لثورة ليبيا تسليح الثوار الليبيين, فما الفرق ياترى؟ الجواب لتضرر اسرائيل من زوال الاسد. 5- فضحت الحكومة العراقية برئاسة الصفوي المالكي,وأنه مع بشاروإيران قلبا وقالبا,وأنه حمّال المدد والعتاد والمليشيات الشيعية الايرانية والعراقية, المرسلة لبشار. 6- فضحت الحال والمأل العربي وبينت أنه في ضعف سياسي شديد وأن لاثقل له في العالم, وأنه مغلوب على أمره,عدا دولة أو دولتين, لكنها لا تكفي لوحدها لحل الآزمات الشائكة. 7- فضحت الجامعة العربية وبينت أنها ضعيفة وغير مفعَّلة البتة. 8- فضحت هيئة الآمم المتحدة,وأظهرت أنها تأتمر بأوامر الآقوياء 9- أما ايران وإسرائيل فمفضوحتان, سابقا ولاحقا ومستقبلا!!!!! إذن فلا بد أن يعلم أهل السنة والجماعة,أن الاحزاب المعادية لهم لن تنقطع أبداً,وأن إبتلاء المؤمنين مستمر,ليمحص الله الصابرين والمجاهدين, قال تعالى(ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم ), وليعلموا أنهم لن ينتصروا إلا بالعودة إلى دينهم,وأن لاناصر ولامعين إلا الله,وهذا مايحدث في سوريا فنعم المولى ونعم النصير!! رافع علي الشهري [email protected]