يحلم الإنسان منذ قرون بتقصي المستقبل في إطالة حياته إلى 150 سنة، بل وإلى 200 سنة أو أكثر. ويتطلع علماء الفضاء منذ عقود إلى وقف تقدم عمر خلايا جسم رواد الفضاء، أو عكسها إن أمكن، وبرغبة ارسال المركبات الفضائية المأهولة إلى المجرات البعيدة عن كوكب الأرض. وقف الشيخوخة يتحدث علماء ألمان من جامعة أولم الآن عن تحقيقهم ثورة في النضال ضد تقدم عمر الخلايا، من خلال اكتشاف بروتين قادر على كبح جماح البروتين المسؤول عن تقدم عمر الخلايا. وذكر البروفيسور هارتموت غايغر في تقرير صحفي نشرته جامعة أولم في مجلة "البحث العلمي" الألمانية أن فريق عمله نجح في وقف تقدم عمر الخلايا في الفئران المختبرية. وعبّر غايغر عن قناعته بإمكانية التوصل مستقبلًا إلى نتائج مماثلة في الإنسان، من خلال كبح جماح العامل المسؤول عن عملية تقدم عمر الخلايا. وقبل التجارب المختبرية المذكورة على الفئران، نجح غايغر وزملاؤه في عزل بروتين معين RhoGTPase Cdc42 الذي يلعب الدور الأساس في عملية تقدم عمر الإنسان، من خلال زيادة كميته ونشاطه في خلايا الجسم مع تقدم الإنسان نحو الشيخوخة. وبحسب تصريحات غايغر، المختص في الأمراض الجلدية وشيخوخة الخلايا، فإن هذا البروتين يسبب الاضطراب في نمو الخلايا الجذعية المنتجة للدم مع تقدم العمر، ويمهد إلى تسريع نمو الخلايا وصولًا إلى شيخوختها. باتجاهين! ثبت في التجارب المخبرية، التي أجريت على فئران تم التلاعب بهندستها الوراثية، أن سرعة تقدم عمر الخلايا تزداد مع ازدياد نسبة بروتين RhoGTPase Cdc42 في الدم. وسيكون فريق عمل غايغر بحاجة إلى سنوات أخرى من البحث، وصولًا إلى تطبيق هذه الطريقة على الإنسان، لكنهم يعرفون الآن، بحسب الباحث، أن عملية تقدم عمر خلايا الإنسان "ليست شارعًا باتجاه واحد". وظهر من التجارب على الفئران المسنة أن البروتين الذي كبح نشاط بروتينRhoGTPase Cdc42 عزز مناعة هذه الفئران، وأخّر تقدمها في العمر، ومن الممكن مستقبلًا ليس فقط فرملة عملية تقدم عمر الإنسان، وإنما عكسها، بما يضمن شبابًا دائمًا للإنسان، وذلك في حال التوصل إلى إنتاج بروتين كابح لبروتين RhoGTPase Cdc42 في الجسم البشري. نتائج مبشرة وأظهرت التجارب على الفئران أيضًا أن عرقلة تقدم عمر الخلايا الجذعية المنتجة للدم جددت عمر الأعضاء الحيوية في أجسادها، كالقلب الكبد والدماغ والكليتين، إذ تتكون هذه الأجهزة من الخلايا، ويؤدي كبح البروتين المسرع لعملية تقدم العمر إلى تحسين وظائفها وتجديد عمر خلاياها. وما زال البحث في مراحله الأولى، لكن التجارب على الفئران مشجعة لأن العملية نجحت في زيادة عمر خلايا دودة الأرض لعدة ساعات، وعمر الفئران لعدة سنوات، وهذا يعني انها ستطيل عمر الإنسان لعقود لو نجحت. ومعروف أن الخلايا الجذعية المنتجة للدم تنتج كريات الدم الحمراء المسؤولة عن عملية نقل الأوكسجين، وخلايا الدم البيضاء المختلفة التي تؤلف النظام المناعي في جسم الإنسان. وتعمّر الخلايا النسيجية أكثر من خلايا الدم التي تنتجها، لكنها تشيخ مع السنين، وتفقد قدرتها على فرز خلايا دم جديدة، وهي العوامل المجتمعة التي تؤلف عملية تقدم عمر الخلية.