وصف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون هجوم المحتجين الإيرانيين على السفارة البريطانية في طهران بأنه "مشين، ولا يمكن الدفاع عنه"، ودعا إيران إلى ملاحقة المسؤولين عنه قضائيا. وأنذر كاميرون إيران بعواقب وخيمة، مضيفا أن بريطانيا ستبحث في الأيام القادمة ما ستتخذه من إجراءات. وقال في بيان إن الهجوم على السفارة البريطانية في طهران اليوم "مشين ولا يمكن الدفاع عنه. لقد كان تقاعس الحكومة الإيرانية عن الدفاع عن العاملين البريطانيين والممتلكات البريطانية مخزيا". عمل مدبر وفي مقابلة مع برنامج بانوراما بثتها "العربية" ليلة الثلاثاء قال الدكتور علي نوري زادة مدير مركز الدراسات العربية الإيرانية، إن الهجوم على السفارة لم يكن عفويا ولا تعبيرا عن غضب من الشباب، بل كان مدبرا من جانب السلطات الإيرانية. وأشار إلى أن عدد الشباب الذين شاركوا في الهجوم لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، وكل من شاركوا في الهجوم كانوا مدربين وجاهزين واقتحموا مبنى السفارة ومقر إقامة السفير. وأوضح زادة أن الهجوم بالطريقة التي تم بها يشابه حادث الهجوم على السفارة الأمريكية بعد الثورة عام 1979. وبين أن الهجوم يعكس الصراع بين أجنحة السلطة في إيران، وتحديدا بين الرئيس محمود أحمدي نجاد والمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، ويؤكد أن الخلافات بين الطرقين لاتزال قائمة ولا سبيل لانتهائها. وتوقع زادة ردا حاسما من بريطانيا على الحادث يتمثل في إغلاق العديد من المؤسسات والمصالح الإيرانية في بريطانيا، وقد يحذو حذوها بعض الدول الأوروبية الأخرى. تصعيد متبادل أما أمير موسوي، الكاتب الصحفي الإيراني، فأشار خلال البرنامج إلى أن هناك تصعيدا بين بريطانيا وإيران في الفترة الماضية، خاصة فيما يتعلق بالدور البريطاني في الملف النووي الإيراني، بالإضافة لأن بريطانيا تعد لمسودة جديدة لاستصدار قرار جديد من مجلس الأمن ضد إيران. وأوضح موسوي أن وزارة الخارجية رفضت ما حدث، وأصدرت بيانا وأنه كانت هناك مواجهة جدية بين رجال الأمن والشباب الغاضبين الذين اقتحموا السفارة، مؤكدا أن الاقتحام الأخير يختلف تماما عما حدث في اقتحام السفارة الأمريكية. وتوقع موسوي أن تمضى إيران في تنفيذ القرار الذي اتخذته بطرد السفير البريطاني، قائلاً: "إن العلاقات بين البلدين دخلت مرحلة جديدة بسبب التصعيد البريطاني منذ سنوات ضد إيران". تحريض من السلطات من جانبه، قال إيان بلاك، محرر شؤون الشرق الأوسط، إن مسألة الاقتحام لم تكن منظمة بشكل مباشر من السلطات، ولكن تمت بتحريض منها. وقال بلاك "إن بريطانيا تنظر للأمر على أنه رسالة من طهران للرد على الموقف من الملف النووي الإيراني". واستبعد بلاك أن ترد بريطانيا بإغلاق السفارة البريطانية في لندن، موضحا أن البريطانيين حريصون على إبقاء السفارات مفتوحة، ولا يتعجلون إغلاق أي سفارة. وأضاف بلاك أن العلاقات بطبيعتها متوترة بين الطرفين ومرشحة لمزيد من التوتر. وكان حوالي مائتي طالب من الميليشيا الإسلامية "الباسيج" قد قاموا باقتحام مجمع السفارة البريطانية في طهران، حيث احتجزوا لبعض الوقت ستة موظفين، وأنزلوا العلم البريطاني وأشعلوا فيه النيران، كما قام المحتجون بمصادرة وثائق سرية وتجسسية، بحسب وكالة مهر الناطقة باسم الطلاب. وقد سارعت الخارجية البريطانية إلى تحذير إيران من عواقب وخيمة والإعلان عن اجتماع لجنة الأزمة الحكومية بشأن اقتحام السفارة، الذي يأتي على خلفية توتر بدا متصاعدا منذ يومين في العلاقات بين لندنوطهران، حيث صادق بالأمس مجلس صيانة الدستور على القانون الذي سبق وصوت عليه مجلس الشورى لخفض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع لندن.