اعتبر اقتصاديون ومختصون في حماية المستهلك، ان المستفيد الرئيسي من الدعم الحكومي للسلع الاستراتيجية هم الموردون والتجار، مؤكدين أن الأسعار استمرت في الارتفاع في ظل غياب إجراءات رقابية تربط بين الدعم من جهة والأسعار من جهة أخرى.وطالبوا في حديثهم ل«الحياة» بسرعة إنشاء الجمعيات التعاونية الاستهلاكية التي ثبت نجاحها في الدول المجاورة، خصوصاً ان الكثير من التجار لم يتجاوب مع ما أقرته الدولة من دعم للكثير من السلع، وكان تجاوبهم محدوداً وعلى استحياء، ما يتطلب إعادة النظر في عملية الدعم لمختلف السلع وإيقافه. وقال عضو جمعية الاقتصاد السعودية عبدالحميد العمري، إن «الدعم كمبدأ اقتصادي مطلوب لعدد من الاعتبارات، من أهمها ضعف مستويات الدخل لكثير من المستهلكين»، مؤكداً أن «الدعم لم يحقق الهدف منه بسبب جشع التجار والمستوردين الذين هم المستفيدون في المقام الأول من ذلك، في ظل ضعف الرقابة والمتابعة من الجهات المختصة». وأشار إلى أن «نمط الاحتكار هو السائد في السوق السعودية، وهذا ما شجع على رفع الاسعار في ظل الرقابة الضعيفة التي كان من المتوقع ان تكون قوية»، لافتاً إلى أن «القضاء على تلك التجاوزات يتطلب إنشاء جمعيات تعاونية كما هو مطبق في الدول المجاورة، خصوصاً أن تشديد الرقابة ومنع الاحتكار وإيجاد سوق حرة من الصعب تحقيقه في المملكة في الوقت الحاضر». وحض العمري على فرض جزاءات وعقوبات صارمة على من يستغل الدعم الحكومي «لأن ذلك يعتبر خيانة وطنية يجب معاقبة من يرتكبها». من جهته، قال الكاتب الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد في كلية الملك فهد الأمنية الدكتور عبدالعزيز الطويان، إن «دعم أية سلعة لا يجعلها تخضع لمبدأ العرض والطلب والتنافسية، وهذا يحدث لكثير من السلع في السوق السعودية، ما جعل التجار هم المستفيدون من الدعم الحكومي والضحية هو المستهلك». وورأى أنه «من المفروض أن تقوم الدولة بأخذ ضرائب من التجار، وذلك نتيجة للأرباح التي يحققونها، إضافة الى ضرورة وجود سياسات وإجراءات نظامية صارمة ضد من يستغل الدعم الحكومي ولا يتجاوب مع هذا التوجه»، مشيراً إلى أن قانون العرض والطلب يحدد سعر السلعة ولكن في ظل عدم وجود دعم حكومي، مشدداً على أهمية توعية المستهلك الذي يعتبر العامل الرئيسي في قانون العرض والطلب والذي من خلاله سيتم تحديد الأسعار. ووصف نظام الجمعيات التعاونية بأنه «مجدي وقد ثبت نجاحه في الكثير من الدول وهو ما نطالب بتطبيقه، خصوصاً أن هناك دراسات وتوجهات من الجهات المختصة لإنشاء تلك الجمعيات التعاونية الاستهلاكية». أما رئيس جمعية حماية المستهلك المنتخب الدكتور ناصر آل تويم، فانتقد بشدة الكثير من المستوردين والتجار، وقال إنهم «استغلوا الدعم الحكومي للسلع التي يحتكرونها، ولم يكن هناك مراقبة لحجم الدعم وتقليل هوامش الربح أو خفض الأسعار التي تشهد ارتفاعات متكررة من وقت الى آخر». وذكر أن الجمعية بصدد القيام بدراسات نوعية تربط بين عوامل عدة، منها الجودة والسعر، وكذلك ربط اسعار السلع بما هو موجود في الدول الأخرى، اضافة الى عقد عدد من ورش العمل مع المستهلكين لمعرفة اهتماماتهم من حيث الجودة والسعر وحقوق المستهلك، ومن المتوقع ان يكون لها اثر ايجابي في مكافحة ارتفاع الاسعار وجشع التجار. وأكد آل تويم أن «إنشاء جمعيات تعاونية استهلاكية أصبح مطلباً ضرورياً، خصوصاً أنها ستكون الوجه الأخر لحماية المستهلك في ظل نجاحها في دول مجاورة، إذ تم توفير الدعم الكامل لها من الجهات المختصة»، مطالباً بإيجاد آليات ودراسات لمعرفة اثر الدعم الحكومي للسلع المختلفة وربط ذلك بالأسعار، مشيراً إلى ان الكثير من التجار تجاوب بشكل محدود وعلى استحياء ولم يخفض الأسعار الا في حدود ضيقة جداً.