على الرغم من الشوط الكبير الذي قطعه، فإن نظام التأمين الطبي التعاوني المقترح على المواطنين اصطدم بعدة عقبات أساسية حالت دون الشروع في تنفيذه، من أبرزها إلزام المؤمن عليه بدفع نسبة من العلاج واستثناء أكثر من 25 مرضًا من التأمين، في حين يحصل المواطن على الخدمة حاليًا بالمجان في ظل صعوبات كبيرة نتيجة قلة عدد المستشفيات وطول الانتظار. ويفاقم من الأعباء المتوقعة على المواطنين في حال تطبيق التغير الملموس في نوعية الامراض حاليًا والتي اصبح معظمها مزمنًا ومستعصيًا على العلاج بشكل جذري مثل الضغط والسكر والقلب وتداعيات السمنة. وفي حين تؤكد وزارة الصحة أن التأمين ليس مرادفًا لخدمة جيدة وان الشروع في التطبيق في الوقت الراهن يزيد من الاعباء على المواطنين يرى مواطنون أن الاولوية لهم تبقى الحصول على الخدمة في الوقت المناسب وبجودة عالية دون النظر إلى مسمى مقدم الخدمة. اتفاقيات سرية لرفع الفواتير يشير المواطن عبدالرحمن الشمراني الى انه من المستفيدين من خدمات التأمين ولم يلمس أي صعوبات في التعامل مع المستشفيات او المراكز الصحية الخاصة مشيرًا إلى انه يمكن التغاضي عن دفع نسبة من تكاليف العلاج مقابل السرعة والفعالية في الحصول على الخدمة وذلك ابرز ما يتطلع اليه المواطن المريض. ويؤيد نفس الرؤية عبدالكريم الكناني واصفًا خدمات التأمين الراهنة بالممتازة رغم بعض الاستثناءات والصعوبات في الحصول على الخدمة لضمان التأكد من حاجة المريض الماسة لها في ظل المشكلات والتلاعب الذي تلمسه شركات التأمين من البعض واصفًا ذلك بانه من حقها ولكن بدون مبالغات. اما المواطن عبدالله الزهراني فيقول: التأمين الصحي الموجود لدينا حاليًا ربحي بالدرجة الاولى وبالتالي فإن المستفيد منه الشركات فقط مشيرًا إلى أن التأمين التعاوني يقوم على المشاركة في الربحية والخسارة، ونحن لم نسمع عن شركة تأمين وزعت جزءًا من ارباحها على المشتركين لديها. واستنكر بعض الممارسات في التأمين الصحي الحالي ومنها اعارة البطاقات للغير للحصول على بعض الخدمات خاصة المكلف منها داعيًا إلى ضرورة تطبيق الملف الالكتروني فورًا للحد من عمليات الغش واتخاذ الاجراءات اللازمة تجاه المتلاعبين ايا كانوا موضحًا أن اعارة بطاقات التأمين تشكل خطرًا على الصحة العامة من خلال تداخل الامراض بين طرف وآخر اضافة إلى الغش والتزوير الذي يصحب هذا النوع من التحايل. كما أن البعض يتحايل على شركات التأمين من اجل الحصول على المزيد من الاموال من خلال ادعاء المرض وبيع الدواء بنصف السعر لدى بعض الصيدليات، فضلًا عن أن بعض اصحاب المستوصفات والمستشفيات الاهلية لهم اتفاقات سرية مع بعض المؤمن عليهم من اجل رفع تكاليف فاتورة العلاج واستنزاف شركات التأمين. توحيد بوالص التأمين من جهته يقول الدكتور محمد غزاي العتيبي صاحب مستشفى خاص: التأمين الصحي يحتاج إلى الكثير من التطوير من اجل الارتقاء به والقضاء على عمليات التحايل والتلاعب المختلفة التي تحدث في ظل انعدام الرقابة الذاتية من قبل البعض، لافتًا بأن من ابرز سلبيات التأمين وجود فئات مختلفة في حين من المفترض أن يكون النظام موحدًا بين الجميع. واشار إلى وجود حالات ولادة لا تتجاوز قيمة التغطية عليها 1800 ريال بالحد الادنى من الخدمات فيما تصل حالات ولادة اخرى إلى أضعاف هذا المبلغ بخدمات خاصة ورفاهية عالية كما من الاهمية بمكان تطوير الانظمة الخاصة بالتأمين قبل البدء في أي عمليات تطبيق موسع على المواطنين خصوصًا أن هناك الكثير من الامراض والفئات لا يشملها العلاج في نظام التأمين الحالي. اما الدكتور خالد بن سعيد، أستاذ علوم إدارة الصحة والمستشفيات في كلية إدارة الأعمال في جامعة الملك سعود فأكد وجود الكثير من العوامل المؤثرة على تقديم خدمات التأمين ومن بينها عدد الأسرّة في المستشفيات، البرامج المحاسبية والتمويلية المطبقة وقابلية المواطنين لتقبّل فكرة التأمين، وقيم أقساط التأمين وكذلك المواطنون غير القادرين على تسديد تكاليف البوالص وغيرها من العوامل. ودعا إلى ضرورة تطوير سوق التأمين الصحي في المرحلة المقبلة، من خلال دعم الدور الرقابي والإشرافي لمجلس الضمان الصحي، وإعادة تقييم العلاقة بين شركات التأمين ومقدمي الخدمات الصحية، وتطوير آليات لضمان التطبيق الدقيق للنظام بما يحقق مصالح جميع الأطراف.