مع كل رنة هاتف أو جوال يقفز سعود آل شايع القحطاني مسرعا ليرد على الهاتف عله يجد من يطمئنه على ابنه يوسف الذي لم يتجاوز العشرة أعوام، بعد أن أخذته والدته وهربت به مع زوجها الجديد إلى اليمن للالتحاق بتنظيم القاعدة، وما زال يأمل أن يسمع خبرا سارا عن ابنه الصغير. يتحدث سعود عن قصته مع زوجته السابقة أم يوسف بقوله: رحلتي معها بدأت عام 1421 ه، حيث قررت الزواج بزوجة ثانية فهجرت زوجتي الأولى وبحثت عن زوجة متدينة وحين وجدت أم يوسف اعتقدت في البدء أنها معتدلة في تدينها ولكني اكتشفت فيما بعد أنها نشأت في أسرة اعتنق عدد من أفرادها الفكر التكفيري، مما حدا بالجهات الأمنية إلى توقيف ثلاثة من أشقائها. وقد استمر زواجي قرابة السنوات الثلاث أحسست خلالها أن لديها بعض الاضطرابات، كما لاحظت كذلك أنها لا تتورع عن الفتوى رغم أنها لا تملك سوى الشهادة المتوسطة، ولم أشعر بالراحة معها رغم أني أنجبت منها ابني يوسف فقمت بإعادة زوجتي الأولى. وبعد ذلك انتقل عملي إلى الخرج فاصطحبت زوجتي الأولى والثانية. وبعد ستة أشهر تقريبا هربت مع ابنها من المنزل وعادت إلى أهلها، فقررت أن أتركها فترة زمنية ثم حاولت مجددا وحين يئست قمت بتسريحها بإحسان وبقي ولدي في حضانتها وكنت أراه خلال الإجازات. زواج جديد بعد فترة علمت أن زوجتي تزوجت رجلا يدعى عبد الرحمن الغامدي، وطلب مني زوجها أن يبقى يوسف مع والدته فوافقت على مضض بعد إلحاحه الكبير، وكنت التقي بولدي من فترة إلى أخرى وأسلمه مصروفه الشهري وأحسست أن عبد الرحمن يعامله كوالده ويحنو عليه. وتابع القحطاني: وفي يوم من الأيام كنت مكلفا بمهمة خارجية، حاولت الاتصال على جوال عبد الرحمن لكن جواله كان مقفلا، حاولت الاتصال عدة مرات ولكن الوضع بقي على حاله. تعجبت خصوصا أن الرجل ليس من عاداته أن يبقي جواله مقفلا، ذهبت لمنزلي وحاولت الاتصال مرارا دون فائدة ثم قررت الذهاب في اليوم التالي إلى الرياض، اتجهت إلى منزله فارتعد قلبي عندما شاهدت ازدحاما كبيرا، حاولت الاستفسار وكانت الصدمة الكبرى عندما عرفت أن الرجل قد قتل في مواجهة أمنية في منطقة الهدى على طريق الطائفمكةالمكرمة عام 2004 م، وكانت زوجته التي لا تعلم عن هذه العملية شيئا حاملا في الشهر السابع بابنتها وصايف التي انجبتها بعد ذلك. اضطررت إلى الانتقال لمقر عملي الجديد في أبها وبقي يوسف مع والدته وأخته وصايف يعيشان مع أمهما التي انتقلت إلى بيت أهلها. مجموعة جوانتانامو توقف سعود عن الكلام وتنهد قليلا بعد أن شرب كأسا من الماء وعاد ليكمل قصته والألم يعتصره: ظل الحال على ما هو عليه حتى جاءت المجموعة التي أفرج عنها من جوانتانامو وكان من ضمنها أخوها يوسف الصغير ومعه صديقه سعيد الشهري، وفوجئت بعدها بخطبة أم يوسف من سعيد الشهري رغم معارضة والدها، ولكن يوسف لعب دورا فاعلا في إتمام زواج أخته من رفيقه سعيد وكان ابني يقترب من العشر سنوات وهو يدرس في الصف الثالث الابتدائي ومستواه أكثر من ممتاز ويعيش حياة رغيدة تحت رعاية أمه وجدته. بعد فترة سمعت أن زوجها قد هرب إلى اليمن مجددا ففزعت ولكنني لم أضع في حسباني أن هروبه ما هو إلا البداية لهروب أم يوسف ومعها هذان الطفلان البريئان، وفي يوم من الأيام وخلال الشهر الخامس تقريبا جاءني اتصال يفيد بأن ابني غاب عن المدرسة لمدة خمسة أيام متتالية من هذا العام، فظننت أن موجة الغبار التي اجتاحت الرياض كانت سببا مباشرا في غيابه، اتصلت بجدته لتخبرني أن أم يوسف وولديها قد اختفوا عن منزل الأسرة في حي النسيم في الرياض وقد بحثوا عنهم في المستشفيات وفي كل مكان لكن دون جدوى، وأسقط في يدي ولم يعد أمامي سوى الانتظار عل الأيام تأتيني بخبر عن ابني يوسف. بعد ذلك فوجئنا جميعا بخبر نزل على رأسي كالصاعقة وأحسست أن الدنيا تدور بي عندما علمت أن أم يوسف التي أصبحت تكنى بأم هاجر الأزدي قد هربت مع أخيها يوسف إلى اليمن للحاق بزوجها برفقة ابني يوسف وابنة عبد الرحمن وصايف التي لم تكمل عامها الخامس، ومنذ ذلك اليوم وأنا أعيش في هم، لا أعلم كيف ينام ابني وماذا يأكل وأين يعيش، ما ذنب هذين الطفلين وهما يعيشان بين الكهوف والجبال، وهل مافعلته أمهما بهما يقره شرع أو عقل؟ وقد تقدمت بدعوى للجهات المختصة أطالب فيها باسترداد ابني بعدما خطفت طليقتي ابني وهربت به، وعلمت أن عائلة عبد الرحمن أيضا طالبت بوصايف، وأتمنى أن يأتي اليوم الذي أرى فيه ابني يوسف يعود لحضني سالما غانما، وإني أدعو الله ليل نهار أنا وكل أسرتي أن يسلم ابني من هؤلاء المتطرفين ويعيد لأم يوسف رشدها وتعود عما هي عليه من فكر منحرف شردت بسببه أسرة كاملة وأضاعت أطفالا في عمر الزهور. تركنا سعود وهو غارق في مأساته.