قال الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، إنه تنحى حفاظاً على أرواح الناس، وذلك في تسجيل صوتي بثه الموقع الإلكتروني لصحيفة "الوطن" المصرية اليوم الأربعاء 19 يونيو، لمقابلة خاصة مسجلة على أشرطة من داخل مستشفى طرة. وهي أول تسجيلات لمبارك تُنشر بصوته منذ تنحيه بعد ثورة يناير 2011 حتى الآن، فيما ستنشر الصحيفة القسم الثاني منها يوم غدٍ الخميس، وهي مقابلة على مراحل قام بها "مصدر" تحفظت على اسمه، وهو مقرب من مبارك. نسمع "المصدر" في التسجيلات الصوتية التي تنقلها "الوطن" وهو يسأل مبارك عن رأيه بما يحدث الآن في مصر، وحالة الغضب الشعبي والمظاهرات الفئوية والانفلات الأمني والأزمة الاقتصادية، فيجيبه: "والله.. أنا زعلان" ثم صمت قليلاً، لكن "المصدر" قطع صمته وسأله: "بخبرتك الدولية وتجاربك الطويلة شايف وضع الإخوان المسلمين مع الناس ازاي" ؟ أجاب مبارك: "همه اللي اختاروهم" ولم يزد كلمة واحدة. التسجيل الصوتي للمقابلة http://www.youtube.com/watch?feature...GKGTDp30#at=40 ضغوط أميركية مستمرة طلباً لقواعد في مصر يسأله "المصدر" عن دور الولاياتالمتحدة الأميركية وإسرائيل بما يحدث حاليا في مصر والمنطقة العربية، فيجيب مبارك: "كل ما يهم أميركا هو ضمان أمن إسرائيل في الأساس، وطول عمرهم بيحاولوا يضغطوا على العرب من أجل هذا الهدف، وأنا لم أزر إسرائيل طوال فترة حكمي غير مرة واحدة فقط، في عزاء إسحق رابين. كان الراجل ده ماشي بعملية السلام، وأعطانا قطاع غزه بالكامل، علشان كده الإسرائيليون قتلوه.. لما رُحت في العزاء، قالوا لي خلليك تبات معانا، فرفضت ورجعت القاهرة فوراً". يمضي مبارك ويقول، وكله طبقا لما نسمعه في التسجيلات: "أميركا طول عمرها كانت بتضغط علينا للحصول على قواعد عسكرية في مصر، وكنت أرفض دائماً، ومرة جاءني أبوغزالة (عبد الحليم أبوغزالة وزير الدفاع الراحل) وقال لي إن الأميركان طلبوا يعملوا قاعدة عندنا وأنا وافقت، فرددت عليه: أنت مالكش سلطة توافق ولا أنا كمان، دي مش ملكك ولا ملكي أنا كمان". يتابع: "وكنت رايح أميركا في زيارة رسمية والتقيت وزير الدفاع الأميركي وقال لي إن أبوغزالة وافق على القاعدة العسكرية، فقلت له الدستور المصري لا يسمح بذلك لا لأبوغزالة ولا لي شخصياً. هذا الأمر يحتاج موافقة البرلمان المصري، وحتي لو وافق البرلمان لازم استفتاء شعبي، وقفلت الموضوع عليهم.. طلبوا أكثر من مرة قواعد في غرب القاهرة وبرج العرب.. كانوا عايزين قواعد بأي تمن". "كفاية الجيزة وزحلقهم بهدوء كده" يصمت مبارك لحظات ويضيف ضاحكاً: ".. يا ولاد" ثم يواصل حديثه عن الولاياتالمتحدة: "في الآخر كانوا عايزين يعملوا لنا شبكة إلكترونية للقوات المسلحة. طبعاً علشان الشاشة تكون في إسرائيل وأميركا. قلت لوزير الدفاع "زحلقهم" مفيش حاجة من دي هتحصل أبداً. رجعوا تاني وكانوا عايزين يوصّلوا كل سنترالات القاهرة بسنترال رمسيس، واتفقوا مع وزير الاتصالات". يتابع حديثه عن الموضوع نفسه ويقول: عرفت الموضوع من القوات المسلحة، وعرفت أن هذا المشروع معناه أن الأميركان يقدروا يصيبوا الاتصالات في مصر كلها بالشلل، يعني لما يتوقف سنترال رمسيس، تتوقف كل الاتصالات في مصر. جبت وزير الاتصالات وقلت له: معنى ذلك أنك علشان تطلب أي مكالمة لازم تعدي المكالمة على سنترال رمسيس، فقال لي وزير الاتصالات إن الأميركان هيعملوا ده ببلاش. فقلت: أوعى توافق، فأجاب: بس همه وصّلوا الجيزة خلاص بسنترال رمسيس فقلت: كفاية الجيزة وزحلقهم بهدوء كده، وفعلاً زحلقناهم". يواصل مبارك: "في 2006 أو 2007 جاء الأميركان وطلبوا تردد FM للقاهرة الكبري. ذهبوا إلى وزير الإعلام، فقال لهم: "القانون لا يسمح" فجاءني السفير الأميركي وقال: "اديني تردد الfm لأنهم في واشنطن حاجزين 270 مليون دولار عن المعونة لمصر بسبب الموضوع ده" فقلت له: "خليهم عندكم.. مش عايزينهم.. لا.. خليهم متجمدين" ورفضت.. وبعدها ب 15 يوما أرسلوا ال 270 مليون دولار.. طبعا كانوا عايزين تردد الFM علشان التجسس ومراقبة كل شيء. مبارك كان سيتنحى بعد وفاة حفيده مداخلة من صحيفة "الوطن" في النص المنشور: يبدو مبارك بحسب وصف "المصدر" هادئا زاهدا. ويُرجع "المصدر" الذي يجلس معه كثيراً في مستشفى السجن هذه الحالة إلى ما حدث له ومعه خلال السنوات الأخيرة، إذ يؤكد أن وفاة حفيده محمد علاء كانت نقطة تحول فاصلة في حياته، وكلما سأله عن إحساسه وتقديره لما يحدث له ولأسرته يجيب بكلمة واحدة: "دنيا". وحين سأله عن هذه الحالة قال: "والله بعد موت حفيدي محمد كنت عايز أتنحى. كنت عايز أمشي. هم دلوقتي عايزين يبهدلوني، من المستشفى للسجن للمحكمة. فاكرين انهم بيذلوني.. لا. أنا في حياتي شفت أكتر من كده بكتير.. حاربت، واحنا في الجيش بنتعب كتير في حياتنا واتعودنا على الشقا. أنا ببساطة الآن عايش ومش خايف. ربنا هو العالم بكل شيء. على فكرة أنا اتخذت قرار التنحي بنفسي ولم يضغط عليّ أحد، وكان ممكن استمر في الحكم، لكني قررت التنحي حفاظاً على أرواح الناس وعدم إراقة الدماء". يسأله المصدر: "ماذا حدث بالضبط في أيام يناير" ؟ يجيب مبارك: "والله. أنا ما بحبش أتكلم في الموضوع ده.. المسألة خلاص مرّت". يسأله: "طيب هل الإخوان دول هيمشوا، ولا هيكمّلوا" ؟ يصمت مبارك قليلاً ويقول: "والله.. والله.. مش عارف". يسأله: "البعض قال إنك تلقيت نصائح بإقالة المشير طنطاوي في يناير 2011 لإنقاذ الموقف والنظام". يجيب: "شوف.. لو كنت أقلته أيامها كانوا قالوا عليه بطل. كانت الناس هتقول إني طلبت منه انه يضرب الناس بالسلاح وهو رفض. لازم الأمور دي الواحد يوزنها صح". الجيش.. وهل مات عمر سليمان مقتولا؟ ثم انتقل مبارك سريعا إلى الحديث عن الجيش قائلاً: "الجيش بتاعنا بخير. فيه أبطال. ولادنا زي الفل. لما يدخلوا حرب يحاربوا بشجاعة، وعندهم أسلحة متطورة.. احنا اشتغلنا على ده كتير. جبنا لهم أحدث الأسلحة، وكان الأميركان بيلاعبونا، وكنا نلاعبهم، لان مفيش أغلى من الجيش في مصر". عاد المصدر وسأله: "نرجع لموضوع المجلس العسكري في أيام يناير وقبلها، فرد مبارك: "بلاش تسألني عن موقف المجلس العسكري في يناير.. بعدين ممكن نتكلم". ثم يسأله المصدر: "وما رأيك في أداء مرسي وجولاته بالخارج" ؟ ورد مبارك ضاحكاً: "أهو بيتفسح". سأله: هل مات عمر سليمان مقتولاً؟ في إشارة إلى مدير المخابرات الراحل، فيجيب الرئيس المتنحي: "لا، لا لم يحدث. عمر كان مريضاً. كانت عنده مشكلة خطيرة في القلب.. الله يرحمه". ثم يصمت قليلا ويتابع: "أكتر حاجة بتضايقني لما يقولوا الرئيس المخلوع. من كام يوم سمعت في التليفزيون رئيس المجلس الأعلى السابق من قضايا الدولة بيقول عني "الرئيس المخلوع".. عيب، مفيش دولة في العالم كله بتقول الرئيس المخلوع. ده أنا اتنحيت حفاظاً على أرواح الناس. كنت أقدر أقعد، لكن قلت أنا امشي". سأل «المصدر» مبارك عن موقف الإدارة الأمريكية مما حدث فى ميدان التحرير وميادين مصر بدءاً من 25 يناير 2011 حتى تنحى الرئيس السابق؟.. فأجاب: فى يوم 28 أو 29 يناير 2011 مش فاكر اليوم بالضبط، كانت المظاهرات مستمرة فى ميدان التحرير.. اتصل بى الرئيس الأمريكى باراك أوباما.. اتصل مرتين أو تلاتة.. وبصراحة ما رضتش أرد عليه.. وفى الآخر رديت.. فسألنى: إيه الموقف عندك الآن؟!.. وقبل أن أرد.. بادرنى أوباما: أنا رأيى تسلم البلد لمجموعة من السياسيين، منهم محمد البرادعى.. فقلت له: الكلام ده انت اللى بتقوله؟!.. فقال: نعم.. فقلت له: اسمع يا أوباما.. أنا أفهم الشعب المصرى أكتر منك.. وانت تفهم الشعب الأمريكى أكتر منى.. وأنا لا آخد أوامر منك ولا من أى حد تانى فيما يخص الشعب المصرى.. أنا آخد أوامرى من الشعب المصرى فقط.. لو الناس مش عايزانى.. أمشى فوراً.. وأنا دورى إنى أنبه الشعب لخطورة الوضع اللى هوّه فيه.. وانتهى الاتصال بينا. الإخوان والدولة وسأل «المصدر» الرئيس السابق عن رأيه فى أداء «الإخوان» فى الحكم؟.. فأجاب: شوف.. كل اللى حكموا مصر يعرفوا «الإخوان» كويس.. يعنى جمال عبدالناصر وأنور السادات وأنا نعرف عنهم كل حاجة.. ده بحكم موقعنا والتقارير والمعلومات التى كانت بتوصل لينا.. علشان كده كان عبدالناصر بيتعامل معاهم بطريقة تحافظ على البلد، لأنهم كانوا عايزين ينقلبوا عليه أكتر من مرة.. والسادات غلط لما فتح لهم الأبواب، هوه بصراحة كان راجل عظيم، وكان عايز ينفتح على الكل.. بس همه طول عمرهم عايزين السلطة والحكم.. والمشكلة إنهم مش متعودين على العمل فى النور.. طول عمرهم بيشتغلوا فى السر.. والدولة مش ممكن تُدار «فى السر».. دى دولة.. ودولة كبيرة.. وقديمة.. وعندها شعب كبير.. ومتنوع.. وفيه تعددية لازم نحافظ عليها.. هُمّا مش فاهمين الكلام ده.. عندهم مشكلة مع العصر الحديث.. لكن إحنا بحكم مواقعنا كنا عارفين أسرار لا يعرفها الشعب.. علشان كده أنا ألتمس للناس العذر لمّا اختارتهم.. لأنهم ما جربوش الناس دول قبل كده. يصمت «مبارك» قليلاً ويضيف: بس أنا بصراحة متفاجئ من أدائهم.. كنت فاكرهم أفضل من كده بكتير.. يعنى هُمّا مش فاهمين مثلاً فى الاقتصاد.. بيشتغلوا فيه بطريقة «التاجر».. وده غلط.. وكمان عندهم شك على طول فى كل الناس.. طيب إزاى هنشتغل ونرفع البلد ونحل الأزمات وإحنا عندنا شك فى الشعب والمعارضة؟! أنا وهيكل ■ سيادتك.. هل تتابع التليفزيون والبرامج والصحف؟! - طبعاً.. بس الجرايد بتيجى لى ساعات.. وساعات لأ.. وبحاول أتابع التليفزيون والأخبار بقدر الإمكان.. وكمان بتوصلنى الأخبار لما تيجى لى زيارات.. بصراحة الأوضاع صعبة، ونفسى الأمور تستقر فى البلد. ■ طيب.. هل تابعت الأستاذ محمد حسنين هيكل وما يقوله عن عهدك.. وإيه سر موقفه منك؟ - مش بتابع قوى.. بس هيكل له حكاية معايا.. فأول ما توليت الحكم.. جاءنى أسامة الباز وقال لى: إيه رأيك هيكل يكتب خطبك السياسية؟!.. ففكرت قليلاً وقلت له: هيكل كان بيشتغل مع عبدالناصر.. وبعد كده استبعده السادات.. والمشكلة إنه هيحط لى فى الخطبة رأيه.. ولما أغير حاجة أو ما تعجبنيش حاجة.. هيزعل.. اسمع يا أسامة الراجل ده كان بيكتب لعبدالناصر معقولة هيكتب لى الخطب.. لأ ما يصحش.. وهربت منه كده. ويضيف «مبارك»: هيكل بيحط أفكاره هوه.. وعايزنى أقرا وبس.. وأنا مش لعبة فى إيد حد.. أنا أفكر وأقول للى بيكتب لى الخطبة اكتب كذا وكذا وكذا.. أنا أقول لك أنا عايز أتكلم فى كيت وكيت.. حتى مرة كان موسى صبرى بيكتب لى الخطبة، وده كان أول ما اتعينت.. وقال لى موسى: لازم ندّى أمل للناس.. فقلت له: لا ما ينفعش نضحك على الناس.. الناس لازم تعرف الحقيقة.. أنا مش هضحك على الناس.. على فكرة أنا أول ما اتعينت كانت البلد تعبانة قوى.. بس مش بالفوضى الحالية. ويستطرد «مبارك»: دول حتى بينسبوا دلوقتى كل حاجة لنفسهم. ده حتى مشروع قناة السويس إحنا اللى عاملينه.. إحنا عملنا مصانع هناك وأعطينا الصين مساحات وشيدنا مبانى.. ومن كام يوم شاهدت مرسى والحكومة والإخوان عاملين قصة على المشروع ده وكأنه إنجازاتهم. وتحدث «مبارك» فى أجزاء مختلفة عن شخصيات محددة على الساحة الآن.. فحين سُئل عما يقوله د.مصطفى الفقى فى حلقات برنامجه عن فترة حكمه؟.. أجاب: مصطفى الفقى ساب الرئاسة من زمان.. بس الواحد بيعرف الرجال فى الصعاب.. مصطفى الفقى بيكتب فى الجرايد.. ويطلع فى التليفزيونات علشان ياخد «فلوس».. ثم يستطرد: أنا كمان بشوف إبراهيم عيسى.. الراجل ده محترم.. بيقول الحق.. ورغم إنه كان بيعارضنى إلا أنه بيعجبنى لأنه ما بيخافش.. وحين سُئل عن «مرتضى منصور»؟ علق ضاحكاً: ده مدفع.. مدفع..! أنا لست مخلوعا..!! أما عن التسجيلات فقد شرح محمود مسلم، وهو مدير تحرير "الوطن" وكاتب صحافي، بأنها تمت على مراحل وطوال أيام عدة بواسطة "مصدر" وصفه لإحدى المحطات التلفزيونية المحلية أمس الثلاثاء بأنه "مقرّب" من الرئيس المتنحي ويزوره دائما، وان التسجيل الذي عرضته الصحيفة، مدته 7 دقائق فقط، لكنه 32 دقيقة في أصله الكامل. وذكر مسلم أن "الوطن" تنشر التسجيلات بالنص كما جرت بين مبارك و"المصدر" الذي احتفظت باسمه ولم تنشره، قائلة إنه اعتاد التردد على الرئيس السابق في محبسه، ونوهت بأنها اضطرت إلى حذف بعض العبارات الواردة في التسجيلات "خشية تأثيرها سلباً على الأمن القومي المصري" وفق تعبيرها.