تحدى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس الاحتجاجات المتواصلة ضده لليوم العاشر على التوالي المطالبة باستقالته، والتي أسفرت عن مقتل أربعة أشخاص كان آخرهم شرطي، مُعلناً تمسكه بالمضي قُدماً في مشروع ساحة «تقسيم»، ومُلوّحاً باللجوء إلى مناصرة مؤيديه. وخلال أمس، استمرت التظاهرات والاحتجاجات، التي شهدت أول من أمس أول احتكاك بين مناصري الحزب الحاكم والمتظاهرين. وأطلقت الشرطة الغاز المسيّل للدموع لتفريق مناصري حزب العدالة والتنمية الذين حاصروا مبنى لجأ إليه المتظاهرون. وأنهى أردوغان أمس زيارته إلى تونس بالتأكيد على أن حكومته ماضية في تنفيذ مشروعها في ميدان «تقسيم» بإسطنبول، الذي تسبّب في موجة من الاحتجاجات التي مازالت متواصلة لليوم العاشر على التوالي. وقال أردوغان، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الحكومة التونسية المؤقتة علي العريض: «نحن لن نكون في سياستنا من الخادعين أو المخدوعين.. فنحن لم نستخدم في تصريحاتنا عبارة استفتاء، وبالتالي سنواصل مشروعنا». وأضاف «الأمر واضح بالنسبة لنا، هناك نوايا سيئة لدى المعارضة، وسنمضي في تنفيذ مشروعنا»، وذلك في إشارة إلى المشروع المتعلق بتغيير معالم ميدان «تقسيم» وسط مدينة إسطنبول من خلال بناء مركز تجاري، وثكنة على النمط المعماري العثماني. وكان الإعلان عن هذا المشروع قد تسبّب في اندلاع احتجاجات شعبية واسعة، ومواجهات عنيفة بين قوات الأمن ورافضين لهذا المشروع، سرعان ما اتسعت دائرتها لتشمل عدة مدن تركية. وتطورت هذه الاحتجاجات لتتحول إلى ما يشبه «الانتفاضة الشعبية» ما دفع بعض المراقبين إلى الحديث عن «ربيع تركي»، وهو ما رفضه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي تجاهل الاحتجاجات في بلاده، ليقوم بجولة في المنطقة المغاربية زار خلالها المغرب والجزائر وتونس. دفاع وتلويح ودافع أردوغان عن الاستخدام المفرط للقنابل المسيلة للدموع لتفريق المحتجين في عدد من المدن التركية، حيث قال «لا توجد دولة في العالم لا تلجأ إلى استخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين». وأضاف «لا يمكن أبداً أن نسمح بالفوضى في البلاد، كما لا يمكن أن نسمح بتسلط الأقلية على الأكثرية، وبالتالي فإن ما تم يندرج في إطار حماية حقوق الأكثرية من سطوة الأقلية». ولوح في المقابل بإمكانية الاحتكام إلى الشارع للدفاع عن سياسة حزبه وحكومته، قائلاً إن «الحكومة لها مؤيدوها، وحزب العدالة والتنمية حزب عريض وكبير، وبإمكانه هو أيضاً حشد أنصاره في الشارع». وكان نائب رئيس الوزراء حسين جيليك حضّ مناصري حزب العدالة والتنمية، الذي يتزعمه أردوغان، إلى عدم التوجه للمطار لاستقبال رئيس الحكومة من أجل عدم تصعيد التوتر. وقال لمحطة تلفزيون محلية: «رئيس الوزراء ليس بحاجة لدليل قوة». قتيل رابع وتشير أرقام اتحاد الأطباء الأتراك إلى مقتل أربعة أشخاص وإصابة أكثر من أربعة آلاف بجروح في الاحتجاجات. وذكرت وسائل إعلام تركية أمس أن شرطياً تركياً قضى متأثراً بجراح أصيب بها أول من أمس جرّاء سقوطه من على جسر أثناء الاحتجاجات بمدينة أضنا جنوب البلاد. حملة اعتقالات في الأثناء، اعتقلت الشرطة التركية 15 أجنبياً على خلفية الاحتجاجات، وذكرت صحيفة «زمان» التركية أن من بين المعتقلين أربعة أفراد يحملون جوازات سفر دبلوماسية. وأضافت أن الأربعة ينتمون لبريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا واليونان، إذ يواجه المعتقلون تهمة الاندساس بين المحتجين بهدف التحريض. إحباط هجوم من جانبها، ذكرت صحيفة «يني عقد» التركية أن المعتقلين يشتبه في تخطيطهم للقيام بعملية إرهابية وسط ميدان تقسيم من خلال تفجير عدة اسطوانات غاز صغيرة. ونقلت الصحيفة عن قوات الأمن أنها تملك أدلة موثقة على تورط أصابع خارجية في التظاهرات الاحتجاجية بميدان تقسيم وانتشارها بعموم المدن التركية. وذكرت الصحيفة أن العملاء كانوا يخططون أيضاً للهجوم على مكتب رئيس الوزراء في قصر دولمة بهشة. فيما كشف أردوغان أن من بين المتورطين في الاحتجاجات وأعمال العنف في بلاده عناصر ضالعة في أعمال إرهابية ومن بينها الاعتداء على السفارة الأميركية. بدورها، نفت الخارجية اليونانية اعتقال يونانيين يحملون جوازات سفر دبلوماسية في تركيا. وقال الناطق باسم الخارجية اليونانية كونستانتينوس كوتراس «هذا ليس صحيحاً. لم يحدث شيء من هذا القبيل. لم يتم اعتقال أي دبلوماسي يوناني، أو حامل لجواز سفر دبلوماسي يوناني، في تركيا». إفراج أفادت وسائل إعلامية تركية أمس أنه تم الإفراج عن العشرات من مستخدمي موقع توتير للتواصل الاجتماعي المتهمين بالتحريض على التظاهرات. وتم الإفراج عن 33 شخصاً في مدينة أزمير بعدما تم اعتقالهم للاشتباه في استخدامهم لموقع توتير لتنسيق التظاهرات والتحذير من تحركات الشرطة بحسب ما ذكرته صحيفة «حريت». وأفادت الصحيفة أن شخصاً مازال قيد الاحتجاز، في حين يجري البحث عن أربعة آخرين.