رعى معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد رئيس المجلس الأعلى للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ مساء اليوم الأحد الواحد والعشرين من شهر صفر 1433ه الحفل الذي أقامته الوزارة بفندق قصر الرياض بمدينة الرياض لتسليم أصحاب الفضيلة رؤساء الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم شيكات الدعم المالي الذي أمر به خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – لدعم الجمعيات التي تشرف عليها الوزارة والبالغ قيمته مائتا مليون ريال. وقد بدأ الحفل بتلاوة آيات من القرآن الكريم ، ثم ألقى فضيلة مدير الإدارة العامة للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالوزارة الشيخ عبدالله بن صالح آل الشيخ كلمة ، قال فيها : فإن نعم الله على هذه البلاد المباركة تترا توجب لها ذكرا وللإله المعبود شكرا ، فقبل أيام شرف معاليكم حفل توزيع دعم خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - لمكاتب الدعوة وتوعية الجاليات في المملكة ، وها أنتم اليوم في هذه الليلة تشرفون حفل توزيع دعم خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - لجمعيات تحفيظ القرآن الكريم والذي صدر به الأمر الملكي الكريم الذي نص على أنه انطلاقاً من أهمية حفظ وتعلم الكتاب الكريم وأثره المبارك على تربية النشء متى ترسخ في وجدان كل منا فهم معانيه العظيمة وإدراك مقاصده السمحة بعيداً عن مفاهيم الغلو والتطرف ، وارتياحاً منا للعمل المبارك الذي تضطلع به الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم ، فيخصص بشكل عاجل مبلغ 200 مليون ريال لدعم جمعيات تحفيظ القرآن الكريم تحت إشراف وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد . وأوضح الشيخ عبدالله آل الشيخ - في هذا السياق – أن معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ قد وجه بالعمل على توزيع هذا الدعم على الجمعيات التابعة للوزارة ، والتي بلغ عددها ما يزيد على(160) جمعية وفق آلية تكفل إفادة الجمعيات من هذا الدعم المبارك بما يرتقي بعملها إلى المؤمّن منه ، وبما يتوافق مع قرار المجلس الأعلى للجمعيات الخاص بتوزيع الدعم السنوي لها . وفي ختام كلمته ، شكر مدير الإدارة العامة للجمعيات الخيرية للتحفيظ بالوزارة معالي الوزير على تشريفه الحفل ، كما شكر أصحاب الفضيلة رؤساء الجمعيات في المناطق والمحافظات والمراكز حضورهم، داعياً الله – عز وجل - أن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ، وسمو ولي عهده الأمين الأمير نايف بن عبدالعزيز إلى ما فيه خير البلاد والعباد . ثم ألقى معالي الوزير رئيس المجلس الأعلى للجمعيات الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ كلمة رحب في بدايتها بأصحاب الفضيلة رؤساء الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في عموم مناطق المملكة الذين يحملون المسؤولية في النهوض بربط الأمة بهذا القرآن ،وقال : أرحب بكم جميعاً في هذه المناسبة التي نتشرف فيها بتنفيذ أمر ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود أيده الله لتوزيع الدعم المخصص للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في عموم أرجاء بلادنا العزيزة. واستذكر معاليه ما جاء في الأمر الملكي الكريم المتضمن لهذا الدعم ،وقال : لا شك أن ما سمعنا من ديباجة الأمر الملكي وما فيها من ثناء على هذه الجمعيات وارتياحاً منه أيده الله للعمل الذي تقومون به في تربية النشء وربطهم بهذا القرآن ، وتحفيظ القرآن الكريم وتعليم كتاب الله تعالى للناشئة ولغيرهم من الكبار رجالاً ونساءً ، لا شك أن هذا يُعد من الأساسيات الكبار لعمل الدولة الإسلامية ، لأن دولة الإسلام أعظم ما يميزها هو أن تُعلق قلوب الناس بكتاب الله تعالى ، لأنه كلام الله جل جلاله وهو الحجة الباقية والآية والبرهان الذي أعطاه الله جل وعلا لنبينا محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام . واستطرد معالي الشيخ صالح آل الشيح قائلاً: لا شك أن قراءة القرآن ونشره كان في عهد النبوة لما أقام النبي صلى الله عليه وسلم مسجده ، وكان في المدينةالمنورة نفر يعرفون بحفظ القرآن الكريم وتعليمه ، والله جل وعلا أنزله على نبيه وأمره أن يقرأه كما أُنزل :{ فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه } ، هذا الأمر الإلهي – فاتبع قرآنه – يوجب ما تتحقق به هذه العبادة وهي أن يُقرأ القرآن كما أنزل ، ووسيلة ذلك التعليم ، تعليم القرآن الكريم ، فصار تعليم القرآن الكريم ، ونشر حلقه هو امتثال لأمر الله جل وعلا ، وإتباع لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة ، وما مضى عليه الخلفاء الراشدون ، وأئمة الإسلام من بعدهم. وشدد معاليه على أن الدولة الإسلامية يجب عليها أن تعمل بالقرآن وأن تعتقد بما جاء فيه ، فكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هما الأساس للدولة الإسلامية ، في المفهوم المعاصر ، إذا قيل دستور ، أو دساتير الدولة بمعنى: الأنظمة التي تربط الدولة في أعمالها سواءً الداخلية أو الخارجية ، فإذا كان هناك تجوز بإطلاق لفظ الدستور فإن دستور المملكة العربية السعودية ينطلق ويُبنى فقط على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، والكتاب والسنة أرفع وأعظم من أن تسمى دستوراً لأنها هي مصدر الدستور ، وهي مصدر الأنظمة ، وهي مصدر القوانين ، وهي مصدر التنظيمات التي تحكم بها الدولة المسلمة سواءً في أرضها ، أو في علاقاتها مع الناس ، وفي سعة الشريعة في أحكامها ومقاصدها وفي اجتهاداتها ، ما يجعل الشريعة تسع الزمان والمكان ، وتصلح بها أحوال الناس في كل أرض وتحت كل سماء ، وإنما يأتي القصور من فهم للبشر . وهذا يعطينا إشارة لنوعية التربية التي يُربى بها النشء على كتاب الله تعالى في هذه البلاد وفي هذا الصدد ، أكد معاليه أن تربية النشء بالقرآن من الضروريات التي يفهمون بها القرآن على أنه كتاب الله وحجة الله الباقية وتلاوته تعبد ، وبه يناجي الله جل وعلا في الصلاة وفي غيرها ، وهو أيضاً المرجع في أعمال المسلم ، وأعمال الناس وأعمال المجتمع ، وهذا الأمر لا شك أن يتطلب وعياً أكبر في فهم مقتضيات تطبيق القرآن على الواقع ، وأن يكون تعليم الناشئة ، وتعليم المتعلمين القرآن على اختلاف مستوياتهم أو التفسير أو ما يتصل بذلك ، أن يكون تعليمهم بالقرآن بحيث يكون القرآن مستوعباً للزمان والمكان ، ومصدراً للاعتدال في الفهم وما به صلاح الناس ، ولذلك جاء في القرآن مثلاً الثناء على هذه الأمة بأنها هي أمة الوسط : { وكذلك جعلناكم أمة وسطاً } ، وجاء ذم أهل الكتاب بأنهم يغلون في دينهم : { يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق } وهذان الأمران وهما الثناء على هذه الأمة أنها وسط بين الأمم، والنهي عن الغلو هو سمة هذه الأمة ، وإذا كان كذلك فالنتيجة أن البقاء ، بقاء الأمم منوطاً بهذا الفهم الصحيح لمعنى عدم الغلو ، أو ترك الغلو أو النهي عن الغلو والأخذ بالدين الوسط . وأبان معاليه أن مفهوم الوسطية في القرآن الناس تكلموا فيه ما بين مجحف وما بين مفرط، ما بين غالٍ فيه ، فيظن الوسط هو سلوك السبيل الذي فيه الورع ، أو الذي فيه الأخذ بالأحوط ، أو القول بالأشد ونحو ذلك ، وأناس فهموا الوسط أنه الوسط بين التيارات الموجودة التي يراها سواءً كانت مارقة أو فاسدة أو نحو ذلك ، وهذان طرفان ليس على الجادة ، الوسط والاعتدال المطلوب هو ما دلت الأدلة عليه وفق أحكام الشريعة العامة والقواعد الفقهية والمقاصد المرعية وليس وفق الأهواء والتخرصات وما يظنه هذا وهذا . وقال : إن سبيل الوسطية هو ترك الغلو الذي يجعل هذه الأمة تبقى قوية ، لأن عامة الناس، عامة المسلمين السواد الأعظم لا يصلحهم حال الخاصة كما أنه يفسدهم حال المفسدين ، ويفسدهم حال المارقين ، فحال الخاصة لا تصلح لهم لأنهم لا يقوون عليها ، وحال المفسدين تفسدهم لأنها توبق ديناهم وتوبق آخرتهم ، فسبيل الوسط الذي يسع الناس هو ما يمكنهم عمله ، ويوافق مقتضى الدليل ، في قوله عليه الصلاة والسلام للرجل الذي قال : ( والله لا أزيد على هذا ولا أنقص ، قال : دخل الجنة إن صدق ) وفي رواية: أفلح إن صدق. وواصل معالي رئيس المجلس الأعلى للجمعيات قائلاً : اليوم أمامنا تحدي كبير جداً في الالتزام بالقرآن على هدي السنة ، الإلزام بالقرآن على فهم الفقه الصحيح ، الالتزام بالقرآن في مقتضى الدولة ،ومقتضى الناس والمجتمع على فهم يسع الجميع ، وهذا الأمر يحتاج منا إلى مزيد فقه ، لأنه هذه الشريعة يجب أن نحرص على إبقاءها صالحة للزمان مهما طال ، وللمكان مهما اختلف ، وإذا صار هناك ما ينفر الناس على الالتزام بهذه الشريعة فإن هذا من ضعف الفقه في دين الله تعالى ، ولهذا العلماء ذكروا الكثير من التفاصيل في فقه القوة والضعف ، في فقه الظهور ، وفقه الغربة ، وذكروا فقه الاغتراب ، وفقه الاستيطان ، وأنواع من المسائل تكلموا فيها عن اختلاف الحال ،وكيف يؤثر اختلاف الحال في اختلاف الأحكام ؟، ولهذا تربية الناشئة بالقرآن يجب أن تكون واضحة من البداية في فهمهم للقرآن حتى لا يُختطفوا من أي مربين إلى أي سبيل قد يكون سبيل غلو ، أو قد يكون سبيل آخر من سبيل الجفاء والتساهل ، وينسب هذا إلى القرآن ، وإلى حملته . وأضاف معاليه قائلاً : فنحن بحاجة إلى تربية متوازنة ، فإننا نرى اليوم صراع يؤخذ أحياناً صاحب القرآن ويقابل ويسأل عن أشياء ويستدل بقوله على أن هذا قول أهل القرآن ، وعلى أنه مقتضى العلم ، ومقتضى الفقه ، وهو إنما هو زلة منه ، أو اجتهاد ، أو نحو ذلك ، وقد يؤخذ إلى مسالك أخرى ، أو يؤخذ صاحب القرآن بشهرته ويقول مسائل تشدد فيها وخالف فيها ما عليه عامة أهل العلم ، أو ما مقتضى ما يقتضيه الدليل ونحو ذلك في مسائل شتى تدركونها. وأعاد معاليه التأكيد على أهمية تربية الناس على القرآن ، وقال : إن تربية الناس على القرآن تحتاج منا إلى جهد كبير،والدعوة إلى الله فيه سمة الأنبياء والمرسلين وتعليقهم بهذا القرآن عبادة ، وتعليقهم به أيضاً علماً ، وعملاً ، وتعلماً ، في هذا المقام أولاً اشكر الله جل وعلا وأثني عليه الخير كله أن أسدى إلينا هذه النعمة ، ومن علينا بهذه المنة العظيمة ، أن هدانا للإسلام ، ولم يزغ قلوبنا بعد أن هدانا ، اللهم ثبت قلوبنا على ذلك ، وارزقنا الموت على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ، إنك جواد كريم ، ومنة أخرى عظيمة أن تكون حركتكم ، وأيامكم ، وأعماركم للقرآن وللدعوة وللخير ، والله لا يمكن أن يعدل هذا بشيء لمن عقل ، بأن تكون أنفاس المسلم دائماً في سبيل الله في يومه وليلته ولو تخللها ما تخللها ، لكن ما كان أغلبه كذلك فالحكم على الأغلب ، ولله الحمد ، وإذا كان المجاهد يجاهد في سبيل الله في سنة ، ويستشهد ويحظى بهذا الأجر العظيم فما بالك بمن يجاهد في سبيل الله أربعين سنة أو خمسين سنة أو ستين سنة أو سبعين سنة علماً وتعلماً وإرشاداً للناس ومجاهدة للشيطان ، وأمراً بالمعروف ، ونهياً عن المنكر ، وتفتيح لأبواب الخير وتغليق لأبواب الشر ،لا شك أن هذا من أعظم القربات في حياة المسلم ، ولذلك أثر عن سماحة الشيخ الجليل عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله عنا خير الجزاء - أثر عنه أنه قال : ( الحياة في سبيل الله اشق من الموت في سبيل الله ، لأن الحياة في سبيل الله ) لأنها تحتاج إلى مجاهدة كبيرة ، وهذا صحيح ، والناس يحتاجون إلى صبر ومصابرة في الثبات ،وترك الهوى في التعاطي مع الأمور ، لأن قد يأتي معلم القرآن ويتساهل إذا كبر في عمره ، أو يخف عنده تحمل المسؤولية ، أو نحو ذلك فمن رأى الأمر كما هو وجد أن ذلك من أعظم القربات إلى الله أن تصبر وتصابر وتثابر حتى يأتيك اليقين . ووجه معاليه الشكر للجميع على اهتمامهم بالقرآن الكريم ، وبهذه الجمعيات التي هي ولله الحمد محل ثناء ولي الأمر فيما سمعتم من الأمر الملكي ، ومحل ثناء من اطلع على أعمالها ، ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بحكم مسؤوليتها عن هذه الجمعيات عبر المجلس الأعلى للجمعيات أصحاب الفضيلة رؤساء الجمعيات وعبر الإدارة العامة لجمعيات القرآن الكريم ، تسجل بتقدير أعمالكم الخيرة في النهوض بالقرآن بالكريم في قلوب الناس ، وتعلميه ،والحرص عليه وتنظيم الحلقات ، والحرص على الأعمال الإدارية والمحاسبية وصرف المال والحرص على إيجاد أوقاف للجمعيات التي هي اليوم من أهم المهمات ؛ لأن لا بقاء لشيء إلا بمصارفه ، وإيجاد أوقاف بها يضمن أحدكم أن تسير الجمعية التي هو فيها إن شاء الله تعالى بهذه المصارف بتعليم القرآن الكريم عقوداً من الزمان بما أذن الله به ، فنشكر لكم ذلك ونسأل الله أن يوفقكم ، ويعينكم ، وهنيئاً لكم بهذا العمل الصالح ، وهنيئاً لكم بثقة ولي الأمر وثناءه على أعمالكم . وفي ختام كلمته ، قال معالي الشيخ صالح آل الشيخ : أشكر بهذه المناسبة إخواني وزملائي في وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد وأذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر ، أخي الشيخ عبدالله بن صالح آل الشيخ ،وأخي الشيخ عبدالله المزروع ، وأخي الأستاذ سلمان العُمري مدير العلاقات العامة والإعلام ، والشيخ الدكتور عثمان صديقي الذي عمل جهداً كبيراً في توزيع الجهد في إعداد الأمور الأولى لتوزيع هذا الدعم .. نسأل الله تعالى لكم جميعاً التوفيق والسداد ، ونرجو إن شاء الله تعالى أن يتبع هذه الإعانة إعانات إن شاء الله تعالى في المستقبل . وبعد انتهاء معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ من كلمته ، قام معاليه بتسليم أصحاب الفضيلة رؤساء الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم الشيكات الخاصة بكل جمعية في كل منطقة من مناطق المملكة . ثم غادر معاليه مقر الحفل .