صديقي أبو ماجد كان في قمة تألقه ذلك اليوم كان يلقي الدعابات وتتملكه رغبة في الحديث ووجهه ينطق بكمٍ لا يستهان به من السعادة !! لم يكن الأمر يحتاج إلى كبير ذكاء لاكتشاف ملامح الانتصار في وجهه ، فمن له أدنى معرفة بهذا الرجل يدرك أنه شخص عفوي واضح تبدو سيرة يومه على ملامح وجهه مباشرة !! لم يستطع أبو ماجد الاحتفاظ بسر سعادته طويلاً فأعلن الخبر وهو يتظاهر بعدم المبالاة قائلاً : - قبل أيام اطلعت على إعلان خادمة للتنازل واتصلت على صاحب الرقم وكان متعاوناً وسمحاً فقد وافق على التنازل لي عن الشغالة مقابل سبعة و عشرين ألف ريال !! فجأة تحولت الأنظار إليه باهتمام و بادره أحد الزملاء متسائلاً : - ما كان عندك شغالة قبل ؟؟ وين راحت ؟ اعتدل أبو ماجد وابتلع ريقه وأجاب : - هذيك قمنا الصبح وما لقينا حولنا أحد وبحثنا و بلغنا وما أحد عطانا وجه !! استمر الحديث عن الخادمات وواصل ( أبو ماجد) الحديث عن مناقب الخادمة و مهاراتها و كيف استطاع الظفر بها بهذه التكلفة خصوصاً قبل رمضان ، و كيف استطاع توفير المبلغ و إلغاء رحلة الصيف .. تشعب الحديث و انفض المجلس ، لكن كماً كبيراً من الأسئلة المقلقة رفضت أن تنتهي معه !! هل من المنطق أن يتم تسعير البشر و عرضهم كأنهم سلعة للتداول ؟؟ ولماذا أصبح الخدم في السعودية شيئاً لا يمكن الاستغناء عنه في ظاهرة فريدة من نوعها في العالم ؟ و هل وصلت بنا الحال للاستسلام لرغبتنا في الراحة و الترف و عشق الطعام للدرجة التي تجبرنا على اعتبار الخادمة جزءاً أساسياً و حاجة ضرورية و خصوصاً في رمضان لتصل كلفة استئجار خادمة رقماً يتجاوز القدرة المادية لكثير من الناس ؟؟ و السؤال الأكثر إيلاماً : هل وصلت هشاشة الأنظمة و تغلغل عصابات مافيا تهريب الخدم إلى الدرجة التي يستهتر فيها الوافدون بكل نظام و يتركون أماكن عملهم دون خوف من أي عقاب أو رادع ؟؟ و من الذي أسهم في أيصال أزمة الخادمات إلى درجة أن الدول التي تعاني البطالة و يفترض أن تستجدينا لخلق فرص عمل لشعوبها تمن علينا بعمالتها و كأنهم سيعملون بالمجان ؟؟ وإلى أي مدى ستشكل كل هذه الأعداد الكبيرة من الهاربين و مخالفي نظام الإقامة من خطر على الأمن والأخلاق ( معدل بلاغات الهروب اليومية للخادمات في الرياض 120 بلاغ يومياً ) !!! إنها حالة مزعجة ووضع غير طبيعي ، فهل قامت الجهة المعنية بدراسة الحالة و البحث عن الأسباب وتقديم الحلول المناسبة !! ليس من العدل أن يدفع الناس كل هذه الأموال و يخسرونها عندما تقرر العاملة الهروب في لحظة ما !! وليت الخسارة تقف عند المال ، بل سيخسر أهل البيت الشعور بالأمان إذا رأوا هؤلاء الخدم الذين دخلوا بيوتهم وعرفوا كل تفاصيل حياتهم و ممتلكاتهم يهربون بواسطة عصابات إجرامية محترفة !! على كل حال خادمة صديقي أبوماجد الجديدة ذات السبعة و عشرين ألف ريال هربت بعد أسبوعين ، وبعد أن أنفقت أم ماجد وقتاً وجهداً سخياً في تعويدها على إتقان لبس العباءة و النقاب و في شرح الطريقة المثالية للف السمبوسا و كي الشماغ و الاهتمام بالملابس الجديدة التي اشترتها و لا سيما التنورة الزرقاء التي اقترحت على خادمتها أن تحتفظ بها للعيد ( الذي لن تحضره ) !!! ليكن الله في عون أم ماجد فهي تنتظر خادمة جديدة برسم الهروب و صيفٍ آخر يمضي بلا رحلة من أجل دفع كلفة الخادمة الجديدة !! أحمد بن عبدالله أباالخيل