أثارت قضية هروب الخادمات جدلا واسعا في المجتمع، إذ أرجع عدد من المواطنين فرار العاملات المنزليات إلى انسياقهن وراء العديد من المغريات كالزيادة في الراتب، فضلا عن رضوخهن لحوافر السماسرة الذين دأبوا على تهريبهن من منزل لآخر، في حين رأى آخرون أن من أسباب هروب الخادمة إجبارها على العيش في ظروف قاسية في منزل الأسرة التي تعمل لديها، وتكليفها بمهام فوق طاقتها، إضافة إلى عدم تسليمها حقوقها بانتظام. وبينما حذرت الجوازات من تشغيل الخادمات الهربات متوعدة بمعاقبة كل من يخالف التعليمات، طالب عدد من المواطنين بسن أنظمة ولوائح تضع حدا لظاهرة «الهروب» وتحمي حقوقهم. وعزا ذعار السبيعي هروب الخادمات إلى أسباب عدة منها وجود مغريات بزيادة في الراتب أو بتحسين الأوضاع المعيشية من خلال العمل مع أسرة ثرية على سبيل المثال، فضلا عن وجود سماسرة امتهنوا تهريب الشغالات، مقابل عمولة على كل واحدة منهن. بينما رأى سعد بن حمران البيشي أن كثيرا من الأسر السعودية وجدت نفسها مرغمة للتعامل مع مأزق هروب الخادمات، في ظل غياب الجهة الإشرافية وافتقاد الوسيط الذي ينظم العلاقة في سوق العمالة المنزلية، مشيرة إلى أن ما فاقم المشكلة غياب اللوائح والإجراءات والعقوبات تجاه مثل هذه المخالفات. من جهته، ذكر فهد الشريف أنه تكبد الكثير من الخسائر المادية أثناء استقدامه لخادمته، ملمحا إلى أنه صبر كثيرا ريثما وصلت، وفي النهاية فرت دون أن يجد أحدا يحمي حقوقه. واعتبر جميع الإجراءات والأنظمة التي يتخذها المكتب في التعامل مع الخادمة الهاربة ليست في صالح المواطن، مبينا أنه ذاق الأمرين حين دخل في رحلة البحث عن شغالته، بسبب آلية العمل في المكتب الخاص بالخادمات، وسوء الاستقبال والتنظيم، وتكدسهن في الممرات، واختلاط القادمات الجدد من المطار بالهاربات من كفلائهن، وتشجيع بعضهن على سلوك الهرب. بدوره، بين محمد سعد العبيسي أن من أسباب هروب الخادمات تكليفهن بمهام فوق طاقتهن، خصوصا في مواسم الحج ورمضان، ملمحا إلى أن ربة المنزل تجبر الشغالة على العمل المتواصل والسهر لإعداد الأطعمة والتنظيف، ما يمنعهن من النوم بطريقة كافية، فلا تجد أمامها سوى الهرب، والبحث عمن يدفع أكثر، مشددا على أهمية إيجاد آلية واضحة تحمي حقوق المواطن. من جهتها، أنحت منال ناصر باللائمة في هروب الخادمات على الأسر أنفسهم، مشيرة إلى أن بعض الأسر لا تهتم بالخادمة، وتهمل إطعامها، وتسكنها في بعض الأحيان في مخزن في ظروف سيئة، ما يولد لدى الخادمة رد فعل تدفعها للهروب، والبحث عن أوضاع مناسبة لها. في المقابل، أوضح المتحدث الرسمي للمديرية العامة للجوازات المقدم بدر المالك أن دور المديرية يتمثل في تلقي بلاغات من الكفلاء حول هروب الخادمات أو امتناعهن عن العمل، ثم اتخاذ اللازم حيالهن. وقال: «إذا ثبت للجهات المعنية في المديرية العامة للجوازات أو إداراتها المنتشرة في مختلف مناطق المملكة وجود شخص أو جهة تشغل العاملات أو العمال بطريقة غير نظامية فيتم التنسيق مع الجهات المعنية في المنطقة لضبطها من خلال رجال الجوازات في الميدان، وفق ترتيبات وتنسيق وثيق»، لافتا إلى أن تشغيل العمالة بطريقة مخالفة تترتب عليه الكثير من الأضرار الاقتصادية، والاجتماعية، والأمنية، مشددا على أهمية الوعي بذلك وعدم الاستعانة بأي مخالف في البلاد. يذكر أن إحصائية الشؤون الاجتماعية كشفت مؤخرا أن ما بين 80 إلى 120 خادمة يهربن يوميا من كفلائهن على مستوى المملكة، موضحة أن عدد الخادمات اللائي بقين في مراكز شؤون الخادمات ومكاتب مكافحة التسول في العام الماضي نحو 2670 خادمة. وأرجعت الإحصائية أسباب الهروب إلى قسوة تعامل أهل المنزل وحرمانها من حقوقها، مشيرة إلى أن الرياض احتلت المركز الأول في أعداد الخادمات الهاربات، ثم منطقة مكةالمكرمة، ثم المدينةالمنورة، فالمنطقة الشرقية.