في خطابنا الإعلامي والشرعي السائد منذ ثلاثين عاماً كنا ولا زلنا نقول : لدينا ولله الحمد أصفى عقيدة وأنقاها ومشائخنا وحدهم من يتحلى بالنزاهة وغيرهم متهم حتى يثبت نقاء سريرته ، وحتى من لم يقلها بلسانه فهو يتصرف على أساسها . ولدينا أفضل المطارات في العالم خدماتنا الصحية لا تضاهى و بلادنا من أحسن البلاد في النقل و الطرق واحتياطي الطاقة لدينا هو الأعلى في العالم وبلادنا تحتضن أطهر البقاع بلادنا هي المكان الوحيد الآمن في العالم جامعاتنا لا يضاهيها شيء تعليمنا في أفضل حال عاداتنا وسلوكنا هو الأفضل وعلى العالم كله أن يتعلم منا والعالم كله منبهر بحضارتنا وتقدمنا وغيرها من الأفكار التي قيلت لنا وصدقناها دون تمحيص أو استقصاء !! صرنا نعيش تفاؤلاً كاذباً ، وتضخمت عندنا الأنا بشكل جعلنا نردد بلا تفكير ( ارفع راسك أنت سعودي ) وكأن على الآخرين أن يخفضوا رؤوسهم لأنهم لا ينتمون إلينا !! بقينا نعيش الوهم حتى تجاوزتنا شعوب كانت خلفنا بمراحل في غضون سنوات قصيرة فقط .. و الحقيقة التي يجب الاعتراف بها هي أننا لازلنا نشكو من ضعف الإنجاز ، و تواضع المخرجات ، وافتقادنا لروح المبادرة ، وغياب قيم العمل المؤسسي الواضح ؛ حتى ليبدو لك المجتمع ومؤسساته وكأنه يسير بلا بوصلة أو هدف في مشهد يحضر أمام أعيننا في شارع يبقى سنوات لم ينجز ، ومشروع تمضي أعمارنا وهو تحت التنفيذ ، و مشاريع تعبر الأجيال أعمارها وهي تحت الدراسة !! هذا الكلام ليس جلداً للذات ، ولا أعارض من يدعون للتفاؤل ويبشرون بالأفضل إن كان هذا التفاؤل مستنداً إلى مؤشرات حقيقية ، لكن يبقى التفاؤل –إن كان في غير مكانه – نوعاً من المخدرات الفكرية والحيل النفسية التي تؤدي إلى مزيد من التخلف .. ( إذا نزل مؤمن وكافر إلى البحر .. فلن ينجو إلا من تعلم السباحة ، فالله لا يحابي الجهلاء ، فالمسلم الجاهل سيغرق ، والكافر المتعلم سينجو ) هكذا هي السنن الكونية ، فالكرامات وخوارق العادات هي مجرد استثناءات نادرة في نواميس الطبيعة والكون ، لكن سنن الله لا تتغير ، فلكل شيء سبب ، ولكل عمل قيمة ونتيجة .. و لو تركنا العمل وبقينا نستمطر الرفاهية وصلاح المجتمع بالدعاء فقط ، وبقينا نحسن الظن بالفاسدين ونأمل أن يتحسنوا ، ونتفاءل بأن يكون كل شيء على ما يرام دون أن نقوم بأي دور أيجابي ، فلنثق تماماً أن لا شيء سيتحسن ، وكل ما سنظفر به هو المزيد من الوعود ، والمزيد من الخيبات !! خاتمة : ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) أحمد بن عبدالله أباالخيل