الشباب في كل بلد هم عماده وقواه وركيزته وعراه ، هم قوته الهائلة وشعلته المتوهجة !إنهم قلبه النابض وشريانه الزاخر ورئته النشطة وعقله المتقد ، إنهم كنوز ثروته ووقود ثورته الفكرية والعلمية والصناعية والتقنية، إنهم قادة الماضي وبُناة الحاضر وأمل المستقبل ! هم بكل فخر واعتزاز مشعل النهضة وشداة الحضارة وقادتها ! إنهم حين يجد الجد حماة الوطن ودرعه الواقي وسياجه الحصين أمام كل عدو متربص ! سيذكرني قومي إذاجد جدهم ... وفي الليلة الظلماء يفتقدالبدر لذا يجب على الدولة أن تولي هذه الشريحة من المجتمع عنايتها ورعايتها وتوفرلها كل مايكفل لها العيش الكريم والسكن المريح والعمل المناسب بمايحقق نهضة الوطن ورقي المجتمع على حد سواء ! يجب على الدولة تنمية مهاراتهم وتحفيزطاقاتهم واستثمارمواهبهم وإمكاناتهم ، وتمضية فائض وقتهم بمايعود نفعه عليهم وعلى وطنهم ومجتمعهم بالخير والعطاء والانتاج والنماء! وليس رميهم في أحضان البطالة والعطالة، ودفعهم للتسكع والتلكع بالأسواق زرافات ووحدانا بمثل ذلك القرار المتسرع ! يجب قبل أن تفتح لهم أبواب الأسواق على مصراعيها لإهدار الوقت وقتل الطموح وإطفاء جذوة الجد والعمل في نفوسهم أن تفتح أمامهم فرص العمل ومراكزالبحث والاختراع والابداع والتفكير! وهذا لايعني عدم توفير ميادين الترفيه الملائم ، بل يجب توفيره لهم بكل تأكيد لكن بعيداً عن الإزعاج ومزاحمة الأسر والعوائل في الأسواق المكتضة التي تئن نفسها تحت وطأة الزحام وفوضى العمالة السائبة المستهترة وقلة رجال الحسبة ! فمابالك حين يزيد الطين بلة بغشيان العزاب لها دون ضوابط أمنية وأخلاقية واضحة وصارمة ودون توعية وتثقيف ! إنناحين ننظرللشباب بوصفهم قوة وطاقة وثروة وطنية يجب استثمارها وجب أن ننشئ لهم مايخصهم من أندية للقراءة ، وديوانيات للثقافة ، ومراكز للحوار ، ومنتجعات للتنزه ، وملاعب للترويح والتسلية ، ومحاضن للفكر والمعرفة والابداع والاختراع ! إن الشباب بحاجة إلى من يحتضنهم ، يحترمهم ، يسمع لهم ، يوفر لهم فرص العمل كاملة ، يحقق لهم حلم السعودة المغيب بمباركة وتواطئ المسؤول المنتفع لصالح الوافد الأجنبي الذي زاحم الشاب السعودي فرصة عمله وناهبه لقمة عيشه فصارت أبواب سوق العمل في الشركات والمؤسسات الأهلية وبعض الحكومية والأسواق التجارية موصدة أمامهم مشرعة للأجنبي ! إننا نطالب من زف للشباب تلك البشرى وكأنها حلمهم المولود وأملهم الموعود أن يوفرلهم من فرص العمل في الأسواق والشركات مايسعى بكل حماسة لتوفيره للفتيات دون مراعاة لضوابط شرعية واجتماعية ! إن السماح للشباب بالتسكع في الأسواق ليس حلم كل شاب طموح يبحث عن ذاته ومستقبله ومصلحته وأسرته حتى تزف إليه هذه البشرى التى ستفتح له أبواب الرزق يدخل من أيها شاء ! إن شباب الوطن بحاجة إلى سماع قرارات رائدة رائعة تصب في مصلحتهم المعيشية والعلمية والمهنية ! وتنقل البلد بسواعدهم وجدهم إلى مصاف البلاد المنتجة والمصنعة لا المستوردة ! وهل قضيت حاجات الشباب السعودي ولبيت طموحاته وأعطيت له حقوقه وفتحت أمامه أبواب الكسب والعمل الكريم ولم يبق له إلافتح أبواب الأسواق لتكريس البطالة وتعزيزالكسل وأذية خلق الله ! نعم يجب أن تفتح لهم الأسواق على مصراعيها ولكن ليس للتسكع والتمخطر ومضايقة العوائل والأسر بل للتملك والانتاج والبيع والشراء وتوفيرفرص العمل ! إن الأسواق النسائية ليست ميادين ترفيه ولامراتع نزهة حتى يزج بالشباب فيها بهذه الصفاقة يقضون فيهاليلهم مع نهارهم بين النساء والفتيات يزاحمونهن ويضايقونهن بألبسة وهيئات غريبة وسلوكيات مريبة ، يَفتنون ويُفتنون ، وربما تحرش بهن ضعاف النفوس منهم ، وقد بدت بوادر ذلك في أحد أسواق جنوبالرياض الكبرى وضاقت النساء به ذرعا ما حدا بإمارة الرياض إلى التدخل السريع وإحالة مجموعة منهم إلى هيئة التحقيق بعد أن خرج الوضع عن السيطرة ! ومازلنانسمع صيحات التضجر والامتعاض من النساء أنفسهن ! فلسنابحاجة إلى مزيد من التهور والانفلات والتأزم يا أصحاب القرار! قديقول قائل إن الأسواق ميادين عامة يجب فتحها للجميع فللشباب حق التسوق فيهابغية شراء مستلزماتهم الرجالية ! والجواب إن تلك المجمعات التجارية تكاد تنحصر مبيعاتهاعلى مايخص النساء والأسرة ، وللمستلزمات الرجالية أسواقها وأماكنها المعروفة ! وكثير من الشباب - هداهم الله - يدخلون أسواق النساء وهيئة الواحد منهم ولباسه وسلوكه لايشجع على حسن الظن به واحترامه ! إن أمام الشباب الكثير من الميادين والتجمعات الخاصة والفرص المتاحة لقضاء أوقاتهم في جو هادئ مريح بعيداً عن الإزعاج والإحراج ودون أن يضايقوا النساء والعوائل في الأسواق الخاصة ويخلقوا فتنة وتوتراً وقلقاً أمنياً وأخلاقياًللدولة والمجتمع ! فهل مابقي للشباب من أماكن لقضاء أوقاتهم إلا الزج بهم وسط الأسواق المكتظة بالنساء وسكب الوقود على النار وإشعال فتيل فتنة نائمة ! وخلق مشاكل اجتماعية وأمنية وأخلاقية نحن في غنى عنها ! إن للشباب المكتبات العامة والأندية الأدبية والملاعب الرياضية والصالات الترفيهية والمقاهي الإنترنتية والرحلات البرية والاستراحات الشبابية والمتنزهات العامة والأسواق المفتوحة ونحو ذلك مما يشبع نهمهم ويستثمرأوقاتهم ! وليس للنساء من ميادين النزهة والترفيه نصف مالهم ! فلم َ المزاحمة عليها والمضايقة أيها المنصفون ؟! أين المنادون بحقوق المرأة المتباكون على وضعها من مسؤولين وكتّاب ! وإن كانت تلك الفرص المعدة للشباب قليلة في نظرالبعض فعلى الدولة توفير ميادين أخرى أنجع وأنفع لهم وللمجتمع من التجول في الأسواق بلاهدف سام ، ولاخطام ولازمام ! عليهادفعهم لميادين العلم والقراءة والعمل والرياضة ، وليس لمواطن التسكع والبطالة والكسل والجهالة ! فهل هذه غاية مايقدمه المسؤول للشباب من ج حق وطني ! وهل هو أيضاً منتهى طموح شباب هذاالوطن ! والغريب أن نرى الكثير من الصحف المحلية تبارك وتهلل لهذا القرار وتصفه بالشجاع والحكيم على حد زعمها كمالوأنه تم توفير فرص عمل لأولئك الشباب لتأمين معيشتهم ، أومنحهم قروضاً سكنية لبناء مستقبلهم ، أو إنشاء مراكز إبداع واختراع لتنمية مهاراتهم ، أوإدراجهم في منظومة العمل العسكري أوالتطوعي بمايعود نفعه عليهم وعلى مجتمعهم ووطنهم ! ولا أدري ماسر هذا الابتهاج والتصفيق ! وكأنه أكبرإنجازاتنا الوطنية ! ألايحق لمثلي ومثلكم أن يرتاب ؟! أين حديث أولئك عن حقوق المرأة ومزايدتهم فيها والمتاجرة بقضاياها وهم يستكثرون عليها حتى التسوق براحة وأمان في جو عائلي أكثر هدوءاً وسعة واطمئنانا بعيداً عن ضجيج الشباب ومضايقاتهم ! بل أينهم عن المناداة والمطالبة بماهو أهم للشباب وأجدى من مجرد التسكع في الأسواق ! من مشاريع تنموية وحقوق معيشية وفرص وظيفية وتعليمية ؟! لاأدري...لكن صحفنا وكتابناعودونا على مواقفهم الوطنية الشجاعة ! ومضة : يقول أبوالعتاهية : إن الفراغ والشباب والجدة....مفسدة للمرء أي مفسدة د. رشيدالربيش