ساد القلق أوساط الشباب في الناصرية (380 كلم جنوب بغداد) بعد إقدام السلطات المحلية على تسيير دوريات لشرطة الآداب مهمتها منع التجمهر والتسكع في الشوارع والمقاهي. وكانت الشرطة في محافظة ذي قار، مركزها الناصرية، أعلنت عبر وسائل الإعلام المحلية تسيير دوريات لشرطة الآداب في المحافظة للحد من ظاهرة التسكع في الأحياء السكنية. مشيرة الى أن مجموعة من الدوريات ستباشر التجول في المدينة بداية الأسبوع المقبل. وأثار القرار القلق وسط شريحة شباب الناصرية الذين اعربوا عن خشيتهم من تضييق مساحة الحرية وخلق روح العداء بينهم وافراد الشرطة. وقال المدير العام للشرطة اللواء صباح الفتلاوي إن «الكثير من المنحرفين باتوا يهددون حريات الناس وحرماتهم، فمن غير المقبول أخلاقياً أن تجد عشرات الشباب يتجمعون في الأسواق وأمام مدارس البنات، لتصوير النساء بأجهزة الموبايل، واستخدام هذه اللقطات والصور في أمور غير أخلاقية». وأضاف في اتصال مع «الحياة» إن «شباباً طائشين يتجمعون لأوقات متأخرة أمام منازل المواطنين، ويستخدمون أجهزة التسجيل ذات الصوت المرتفع لإزعاج العائلات، والتلفظ بكلمات وعبارات تخدش الحياء»، مشيراً الى ان «شرطة الآداب تضمن عدم استغلال الحرية الشخصية للتعتدي على حريات الآخرين». وأكد ان «ما شجعنا على اتخاذ قرار تسيير دوريات هو عشرات الشكاوى التي تردنا يومياً عبر خطوط الاتصال الحرجة، ومراكز الشرطة المنتشرة في عموم المحافظة». من جهته حذر مدير مؤسسة الشباب المعاصر (مجتمع مدني) في الناصرية جلال الياسري «من امكان استغلال بعض افراد الشرطة هذه الإجراءات لتصفية حساباتهم مع اقرانهم ». ولفت في تصريح الى «الحياة» الى ان «معالجة مشكلة التسكع لا يمكن ان تحل عبر نشر مزيد من أفراد الشرطة في الشوارع والساحات العامة او بين الاحياء السكنية ، وانما بتأمين البديل المناسب الذي يحد من استشراء الظاهرة». ودعا الى «معالجة مشكلة البطالة وتوفير فرص العمل ليتمكن الشباب من تقليص ساعات الفراغ»، مشيراً الى ان « محاصرة الشباب والتضييق على حرياتهم الشخصية من شأنها ان تخلق شريحة انطوائية عدوانية يسيطر عليها الإحباط واليأس». ونبه الى ان «مثل هذه الحالات من شأنها أيضاً ان تجعل الأجواء الأسرية اكثر توتراً وبالتالي اقل تماسكاً نتيجة المشاكل الناجمة عن التضييق والفراغ والتطلعات المقموعة». ويرى الشاب عماد باسم أن «استخدام عاملي الترهيب والقوة وحدهما لا يمكن ان يحل المشكلة فالشباب في حاجة الى فرص عمل ووسائل ترفيه وملاعب وقاعات رياضية نظامية ومنتديات ثقافية وفنية». وشدد على «اهمية رعاية ودعم شريحة الشباب لتحصينها من الانزلاق الى مهاوي الارهاب والانخراط في صفوف المجموعات المسلحة». وأكد السياسي المستقل نصير الحبوبي أن « قرار الحكومة المحلية في الناصرية تسيير دوريات الآداب في الاحياء السكنية والمناطق العامة جاء بطلب من الاحزاب الاسلامية المتنفذة في المدينة لتقييد الحريات». وأضاف أن « الناصرية تعاني من البطالة منذ زمن النظام السابق الى يومنا هذا»، واشار إلى ان« شباب الناصرية حرموا من ابسط الحقوق فلا توجد اندية رياضية او اماكن ترفيه اجتماعية يزاولون فيها هواياتهم، ومعظم الشباب يهاجرون الى محافظات اخرى للعمل فجاء هذا القرار ليزيد معاناتهم بدلا من ايجاد حلول لقضاياهم». وتكاد فرص العمل امام شباب محافظة ذي قار تكون شبه معدومة حيث معدلات البطالة اكثر من 32 في المئة بحسب البيانات الرسمية.