بوجهه السمح وملامحه الطيبة بدا مشرقاً وسعيداً ذلك اليوم بشكل غير معتاد !! إنه أحد زملائي ، ولم يترك لي فرصة لسؤاله عن سر سعادته الطافحة على قسمات وجهه .. بل انهمرت الكلمات من فمه كالسيل ( الله يبيض وجهه ، الله يجزاه خير ، والله ما قصر - وسمى لي أحد مديري الإدارات الحكومية الخدمية- ) وواصل حديثه قائلاً : والله دخلت عليه بعد أقل من ساعة من الانتظار ، ومن دون سابق معرفة ، ولا رحت له من طريق واسطة ، وشرحت له الموضوع .. - قاطعته قائلاً : وماذا فعل من أجلك ؟ هل تم حل موضوعك خصوصاً و أن طلبك عادي جداً و يفترض أن يسير بلا وسائط !! - فأجاب وقد تلاشت بعض حماسته : والله قال : اكتب عرض بموضوعك وسلمه لمدير المكتب ويصير خير إن شاء الله .. تعمدت أن أصمت ، لم أرغب في قتل فرحته بأنه حضي بمقابلة المسؤول وهو المواطن البسيط الذي طالما ترسخ في وعيه أن هؤلاء المسؤولين من طينة أخرى وليسوا بشراً عاديين خدمتهم الظروف أكثر من الكفاءة ، مهما تخفوا وراء المشالح المذهبة و الابتسامات المصطنعة أمام الكاميرات !!! لقد مضى على هذا الموقف سبعة أشهر .. ولا زالت معاملة صديقي تحت الدراسة - مع أنها كانت تستحق أن تكون فوق الدراسة - لأنها واضحة كل الوضوح !! إنه لمؤلم أن يتحول الحق إلى ( أمل ) و أن تتحول مقابلة مسؤول صغير إلى ( حلم كبير ) ، و أن يتحول المسؤول المكلف بخدمة الناس إلى شخص خيالي يعرف الناس منه اسمه ، لكن مقابلته تبقى حلماً بعيد المنال لأصحاب الحاجات ؟؟ ولماذا يحتاج الناس إلى المسؤول حقاً ؟؟ لم لا يحصل صاحب الحق على حقه بكل بساطة !! لماذا تتأخر المعاملات الاعتيادية بشكل يكدس المراجعين في مظهر لافت و مهين أحياناً ؟؟ لماذا لا تفتح أبواب المسؤولين و يكون العمل واضحاً تحت الشمس ويحصل الجميع على حقوقهم دون بيروقراطية المكاتب المغلقة ؟؟ لماذا تحولت معاريض الاستجداء إلى جزء من ثقافتنا الاجتماعية وقيمنا الإدارية ؟؟ ما الذي منح المسؤول الحق في أن يغلق أبوابه و يضع الحجاب ( تحت اسم السكرتارية) و من سمح بأن يكون لدى معظم مديري العموم أبواباً خلفية ليدخلوا ويخرجوا منها بعيداً عن أعين طالبي الحاجات الذين أرهقهم الانتظار !! ؟؟ متى كان للمسؤول الحق في أن يخصص ساعة واحدة أو يوماً في الأسبوع يتفضل فيه بمقابلة المراجعين وكأنه سيمنحهم صكوك الغفران !! ؟؟ إن الأحداث المتوالية و الاحتقان هو نتيجة طبيعية لهروب المسؤولين من مواجهة المشكلات و الاختفاء داخل المكاتب المكيفة وضعف القدرة على التواصل المباشر و المرن ، مما يزيد من حنق المراجع وغضبه ، و تتضخم في ذهنه الأفكار السلبية ، و قد يلجأ لنوع من الفوضى لم يكن ليلجأ إليه لو وجد من يتعامل مع مشكلته بشكل جاد وصادق وعادل . لمحة : عزيزي المسؤول ؛ استمتع بوجاهة المنصب قدر ما تشاء .. لكن تذكر أن كل مراجع إضافي على باب مكتبك هو دليل آخر على حجم فشلك في مهمتك الإدارية !! ومجرد امتلاكي للقب ( مواطن ) يمنحني كامل الحق في التواصل معك ، بل .. و مناقشتك.. فهذا وطني أنا أيضاً !! أحمد بن عبدالله أباالخيل