موظّف يجلس على كرسي باعتباره مختصا تم تعيينه ليعمل اللازم حسب النظام، لا يمتلك من الصلاحيات ما يعطيه هذا الحق، أو أنه لا يعرف اختصاصه، تأتيه بمراجعة روتينية فيقول لك لا بد من مراجعة المدير.. ولماذا المدير يا أخي العزيز.. لأنه سيكتب عليها توجيها، ذلك التوجيه المعروف المألوف دوما.. (فلان لعمل اللازم) أو بحسب النظام، والطامة الكبرى أن يكون المدير غير موجود ويكون اليوم أربعاء نهاية أسبوع، ويكون مثلا موضوعك في جمارك المطار والأغراض التي تراجع عليها لا تحتمل التأخير، فقد تتلف وقد وقد.. ولا تجد من تراجعه.. والأمثلة كثيرة، والسؤال الذي يفرض نفسه: لماذا لا يكون المختص مختصا حقيقيا يمارس عمله اليومي بالنظر في شؤون من يراجعه من الناس بتلقائية وبحسب الأنظمة الموضوعة لكل جهة حكومية، وتكون العودة للمدير أو المسؤول الأعلى في الحالات الاستثنائية التي تتطلب استخدام صلاحية المدير في معالجتها؟ والمضحك المبكي في آن معا هو أن المدير قد لا يفيدك في توجيهه بشيء، إما لبخل في استخدام صلاحياته لصالح الناس، أو لفهمه أن المسؤولية تكتسب أهميتها من عرقلة الآخرين واستخدام النظام ضدهم وليس لصالحهم، أو أن المدير أصبحت لديه عادة التعامل مع صيغ روتينية من جنس ما ذكرنا لا تقدم ولا تؤخر ولا يجيد غيرها.. المطلوب وقفة مراجعة مع كثير من السلوكيات الإدارية التي تعمق وتجسد البيروقراطية في أسوأ مظاهرها، خاصة أن المملكة بدأت تجتذب الكثير من الاستثمارات العالمية، وأصبح الحديث عن حكومة إلكترونية مطروحا بقوة، ومطلوب أن تتحول الإدارة إلى خدمية بما تعنيه كلمة الخدمة من معنى.