في خمس دقائق تبخرت أحلام السعوديين بالوصول إلى الأدوار النهائية من تصفيات كأس العالم ,وضربتهم الدهشة وهم يشاهدون الكنغر الأسترالي يجهز على فريقهم الهش كما وصفه احد اللاعبين الأستراليين قبل المباراة , بتنا نشاهد مناظر اضحكت العالم على لاعبينا وهم يتساقطون على أرضية الملعب وكأنهم يلعبون كرة القدم لأول مرة. لاعبون بعشرات الملايين تحولوا إلى أرجوزات مضحكة على المستطيل الأخضر , وبدأت تظهر آثار المعسكر الباذخ عليهم حتى داخلنا الشك بأنهم قد ذهبوا في نزهة ليتمتعوا بأجواء استراليا وأمطارها الموسمية ,وبدأ أن توقعات المدرب الأسترالي وقراءته لواقع الفريق السعودي قريبة الحدوث في حديثه الذي أثار الشارع الرياضي السعودي العاطفي , رغم أن الرجل قد طرح رأيه بواقعية إذ قال أن محاولات"الحمائم الخضر" ومدربهم في بلوغ المونديال ستكون يائسة , وأن معسكرهم الطويل قد لا يؤدي إلى النجاح لذلك فإن الفوز لن يكون حليفهم. ليست العبرة في التهام الأستراليين لطبق منتخبنا الشهي فقد التهمته ألمانيا بالثمانية واليابان قبل سنة في الدوحة وبالخمسة , وقد لا تكون هذه الخسارة آخر الأحزان والنكبات الكروية , وفي عالم كرة القدم الخسارة واردة لكنها لاتقبل بهذه الصورة المذلة التي تنكشف فيها الأحوال السيئة لمنتخب صرفت عليه الدولة ملايين الريالات , ثم لا تجد لها أثرا عند النزال الكروي المنتظر. لا ألوم اللاعبين لأن من أختارهم المدرب فهو من يتحمل المسئولية إلا إذا كان هناك من يتدخل في عمله ويفرض أسماء معينة عليه , واللوم يقع على اتحاد الكرة والإدارة التي أختارها لتتولى الأشراف على المنتخب واختيار المدرب وهي معدومة المعرفة والخبرة بهذه الأمور. كنت أشاهد الأستاذ محمد المسحل عبر القناة الرياضية وفي لقاء مباشر مع المذيع المتألق عبدالله العضيبي في حوار من قلب ميدان تدريب المنتخب وقد أرتدى البدلة الرياضية ودهن رأسه بالجل ممسكا بكوب من القهوة يحتسيه , وفي غمرة اسئلة المذيع عن وضع المنتخب ومدى جاهز يته كان المسحل يؤكد انهم سيحققون الفوز الكبير ولم ينس أن يشيد بأجواء استراليا والأمطار التي تهطل في تلك اللحظة, وكأن الأخ قد ذهب إلى هناك في رحلة استجمام سياحية مصطحبا بعض اصدقائه الإعلاميين. لم تكشف هذه المباراة إلا حالة جديدة من حالات التراجع للكرة السعودية , وإلا فإن هذه الكرة ومنذ ثمانية ألمانيا الشهيرة عام 2002م تشهد كل سنة حالات جديدة من التراجع والانحدار , فمنذ رحيل الأمير فيصل بن فهد يرحمه الله وهو العراب الحقيقي للرياضية السعودية والمنتخب السعودي يفقد هيبته تدريجيا بسبب الفوضى الإدارية , وتحكم شلل معينة داخل الاتحاد , وسوء تنفيذ المسابقات السعودية ,وافتقار الأندية للميزانيات والمنشآت , واحتضان الإعلام الرياضي لأسماء متعصبة أقل وعيا من المشجعين العاديين في المدرجات لا تهمهم مصلحة المنتخب بل أنهم يشكلون أدوات ضغط على ادارات المنتخبات عند ضم لاعب أو استبعاد آخر وأدوات ضغط رهيبة على المدربين حتى أن أكثر المدربين الذين تعاقبوا على تدريب المنتخب يشتكون كثيرا من سطحية الأعلام الرياضي ويعتبرونه من أدوات إعاقة العمل المنهجي , وهو إعلام انطباعي لأن أغلب من يكتبون فيه لا يملكون رؤية ناقدة ولا خبرة في المجال الرياضي إذ يتجهون من المدرجات مباشرة للكتابة في الصحف وبث الآراء حسب الميول , أو الجلوس الطويل في استوديوهات القنوات الفضائية الرياضية في صراعات وملاسنات مباشرة على الهواء لا يستفيد منها المتلقي بل ساهمت في احتقان الجماهير وبث روح العداوة والفرقة بين الأندية وبين مسئولي أندية الوطن ولاعبيها , تجدهم قبل مباريات المنتخب يصفونه بالمنتخب الذي لا يقهر وبعد الخروج المر يسنون سكاكينهم للنقد غير المفيد..هذا الإعلام من أدوات الهدم التي تحتاج إلى إعادة نظر فالمسألة مرتبطة بمنتخبات الوطن. الدول التي وصلت تستاهل فقد حصدت نتاج عملها وخرج منتخبنا لأنه لايستحق فقد جنى ثمار تخبط المسئولين ليس في مباراة ولافي بطولة وإنما في أكثر من عشر سنوات,وردد الجمهور وداعا برازيليو , وإذا استمر التخبط سنقول وداعا كل البطولات والمونديالات , والأفضل توفير الملايين ويكفينا أن نلعب ولو بمنتخب من لاعبي الصف الثاني بالأندية وبمدرب وطني نصبر عليه فقد نحقق نتائج أفضل. د.عبدالرحمن الشلاش [email protected] تويتر : @abdulrahman_15