في اجتماع لأحد شركات القطاع الخاص الكبرى بدا المشهد على النحو التالي : جدول اجتماع مكون من محورين ، سبعة أشخاص وصلوا بشكل متزامن بما فيهم الرئيس الذي لم يكن يلبس بشتاً مقصباً بالزري ، ولم يدخل قبله سكرتيره الخاص أو حتى سائقه ليعلن وصوله ، لقد كان المجتمعون يعرفون قضاياهم سلفاً وقد أعدو الحلول ، ولم يبد أن لديهم مشاكل مؤجلة ، والأغرب في الأمر أن الاجتماع انتهى دون تشكيل أي لجنة بل تم اتخاذ القرارات مع آلية واضحة للتنفيذ ومسؤوليات محددة !! يبدو المشهد السابق بسيطاً إلى حد الدهشة خصوصاً إذا استدعينا مشهد طاولة الاجتماعات المهيبة في كثير من إداراتنا الحكومية ، فالاجتماع يبدأ غالباً بحديث عن الإنجازات ( التي هي غالباً وعود لم تنفذ ) ثم تبدأ جوقة المطبلين في إنشاد خطب التملق على مسامع الرئيس المسدد ، ويتحدثون عن نجاحات المنشأة العظيمة – والتي لم تكن إلا بتوجيهات الرئيس المتميز – على الرغم أن هذه النجاحات لم يشاهدها أحد على أرض الواقع .. وفي نفس المكان تجد البعض الآخر يتناوبون السخرية والتندر من خلال النظرات والتعليقات القصيرة ولا يعيشون جو الاجتماع على الإطلاق – ربما بحكم الخبرة في هذا النوع من الاجتماعات – ويستمر الاجتماع الذي ليس له وقت ما دام صاحب السعادة مستمتعاً ، وطالما أن الجميع لا يعترض على العرض المسرحي الممل والغريب بعض الشيء .. في نهاية الاجتماع تجد أنك أمام نفس المشكلات التي نشأ من أجلها الاجتماع ، اللهم إلا فيما يخص بعض التوصيات ذات العبارات الرائعة والفارغة من المضمون ، والتي لا زلنا نسمعها بعد كل مشكلة .. (إيجاد حلول جذرية ... تشكيل لجنة لدراسة الأمر والخروج بتوصيات نهائية .. العمل على إنجاز الموضوع بالتنسيق مع .. ) وتستمر المشكلات .. وتتوالد اللجان على طريقة : ( جاءت إليك لجنة تبيض لجنتين .. تفقسان بعد جولتين عن ثمان .. وبالرفاء والبنين تكثر اللجان ) .. وتبقى الاجتماعات تقام ولا شيء يتغير فالاجتماعات تناقش نفس المشكلات وتخرج بذات الحلول لسبب بسيط أنه لا أحد قد جاء ليصنع حلاً فالجميع مشغول بأموره الخاصة ، لأنك مادمت تعمل بنفس الطريقة فستجني نفس النتائج .. هذه ليست نظرة سوداوية بل هي جزء من واقع الاجتماعات التي يفترض أن تمثل الأداة الحقيقية لإعادة بعث الروح في مفاصل العمل وتحفيز العاملين وقراءة واقع الإنجاز ومعالجة المشكلات بصورة دورية ، وربما كان من الملاحظ أن الموظفين المنتجين هم الأكثر تذمراً من خسارة الزمن الذين يقضونه في اجتماعات العمل لا لشيء إلا لأنهم لم يجدوا أثراً حقيقياً أو هدفاً ناجزاً وراء هذا الاجتماع !! لمحة : أعتقد أن القهوجي – مع تقديري الكامل لعمله - هو أكثر شخص يقوم بعمل حقيقي هنا .. فهو يعرف دوره في الاجتماع بدقة ، ويقوم بإنجاز ما جاء من أجله .. الباقون فقط يتكلمون !! أحمد بن عبد الله أباالخيل [email protected]