اليوم يا أصدقائي سأحدثكم عن رحلة مضحكة لأن شر البلية ما يضحك ومؤلمة لأن ... المعذرة .. سأخبركم لاحقا لماذا مؤلمة فكونوا معي قبل أيام زرت كوكب مظلم لا يبعد كثيرا عن كوكبنا , وبعد أن هبطت مركبتي أخذت أتلمس طريقي نحو السوق الذي تشتعل المصابيح في الطرقات المؤدية إليه وفي وسطه المخلوقات هيئتهم ولباسهم مشابهة إلى حد ما لسكان الأرض كل شيء على ما يرام .. كل شيء لكن ما أثار استغرابي أن كثير منهم يرتدون القبعات سألت نفسي : طيب يا وحيد لماذا يرتدون القبعات ؟ أين الشمس ليحموا رؤوسهم منها أو على الأقل أين اللافح ليحموا رؤوسهم منه ؟ فركت عيناي فلعل الظلمة فيهما ! لكن أنا متأكد أن نظري سليم فقد كانت آخر مرة أجريت فيها فحص لنظري قبل تسعة أشهر وذلك أثناء زيارتي لكوكب الأرض . ثم توجهت بسؤال حفظني الله لأحد المارة أنا : لماذا كثير منكم يرتدي القبعات ؟ هو : أعجبتك ؟ لدينا الكثير منها أنا : امممم ليس تماما فلدي واحدة في مركبتي نحن نلبسها لترد عنا وهج الشمس وأحيانا حرارتها , وأنتم لماذا تلبسونها ولا شمس تشرق عليكم ؟ هو : اها .. يبدو أنك من كوكب الأرض , تعال معي لنتناول كوبا من القهوة وأخبرك عن السر وبعد آخر رشفة قلت له : قهوتكم لذيذة لكن بلغ بي الشوق مبلغه لأعرف السر هو : حسنا سأخبرك .. قبل عام زار كوكب الأرض أحد أفراد كوكبنا وشاهدكم تلبسون القبعات فأُعجب بها وأتى بعدد منها وأهداها لبعض أقاربه وأصدقائه , وما هي إلا فترة بسيطة حتى انتشرت على كوكبنا ولقيت إقبالا عظيما وبدأنا تصنيعها محليا . ضحكت وضحكت حتى نظر إليّ الرجل نظرات استنكار اعتدلت في جلستي ثم أخبرته : نحن نلبسها لهدف وأنتم تلبسونها تقليدا . رمقني بنظرة أردفها بقوله : هكذا أنتم تنظرون إلى عيوب غيركم بمنظار أكبر وأكثر دقة . إن كان ارتدائنا لها تقليدا فإنه لا يضرنا على كل حال , أما أنتم فقط قرأت بشأنكم في كتاب صدر لمؤلفنا المرموق وخبيرنا الأرضي ما نصه : "ومن العجب أن سكان الأرض يقلد بعضهم بعضا فيما يضرهم أحيانا , ولا يسعون إلى تعديل تلك السلوكيات التي تنم عن عدم تفكير في أسباب الفعل وعواقبه " . أنا : حسنا أراك تصطادني ! تذكرني بساهر رغم أن سرعة بديهتي لم تتجاوز سرعة بديهتك إطلاقا حسنا أصدقائي هل عرفتم الآن لم كانت الرحلة مؤلمة ؟ وفاء أبا الخيل