(( الناس أجناس ، ورأي في التصنيف )) نسمع بين حين وآخر مَن يستنكر تصنيف الناس ، بل ويشنع على مَن يصنف! فالرد على مثل هذا القول له وجوه عديدة ، لعل من أبرزها : قول الله عز وجل : (( إن سعيكم لشتى )) . فماذا قال المفسرون عن هذه الآية الكريمة؟ قال أغلبهم في تفسيرها : إن عملكم لمختلف أيها الناس ؛ لأن منكم الكافر بربه ، والعاصي له في أمره ونهيه ، والمؤمن به ، والمطيع له في أمره ونهيه .فمَن كان سعيه للخير وفي الخير كان مآله الجنة ، ومن كان سعيه في الشر والفساد فمآله النار . وقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه : ( تجدون الناس معادن ، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا ) . ذكر الحافظ ابن حجر في كتابه ( فتح الباري) عن هذا الحديث : (تجدون الناس معادن) .. أي أصولاً مختلفة ، والمعادن جمع معدن، وهو الشيء المستقر في الأرض، فتارة يكون نفيساً وتارة يكون خسيسا، وكذلك الناس . انتهى كلام ابن حجر رحمه الله . كما جاء في المثل المشهور : ) من كان الناس عنده سواء فليس لعلته دواء(. من هنا وفقني الله لكتابة أسطر قليلة ولاأعلم ماذا أسميها أهي نظم منثور أم نثر منظوم إنما الأمر المؤكد والحقيقة الثابتة أنها ليست شعراً ، فالشعر سُلم طويل مرتقاه صعب على كثير من الناس وعليَّ أصعب ، وبالله التوفيق . ............................... دنيانا قصيرة ... بين أرحام تدفع وقبور تبلع ، وما بينهما ليس إلا كومضةِ برق ٍ يلمع والناس سعيهم مختلف ، وكل دار ٍ بلقع . فمنهم قارئ القرآن بجوف الليل إلى الصلاة يفزع . وضده كبير الوساد الغافل ، إذا تنبه بالغناء يسجع وعالم ينشر العلم مصلحا ً ، وتراه بالحق يصدع وجاهل يظن نفسه عالما ً، بطوامِّهِ للناس يَفجَع شتان بينهما فهذا البازُ ، وذاك الغراب الأبقع ! ومنهم الكريمُ المعوان ، الفراجُ للهموم الجوادُ السميدع ومنهم البخيل الشحيح ، الذي للمال يجمع ومنهم الذي يأمر بالمعروف ، وعن المنكر ينهى ويمنع. ومنهم الآمر بالمنكر ، الملطِّفُ له وهو الأشنع. ومنهم الأديب الأريب اللبيب ، الواعي لما يرى ويسمع ومن البشر الأحمق الأخرق المعتوه ، الأبله الأثول الأوكع الأرقع ومن الأنام العفيف النقي التقي ، والتُقى للمقام يرفع ومنهم الفاجر العاصي النمام ، للأرحام يقطع ومنهم الأنيس الجليس ، إن حَلَّ في مجلس ٍ يسطع ومنهم ثقيل الروح الذي يرفض بلعَه البحرُ الأوسع ومنهم زارع الإحسان ، وهذا يحصد أضعافَ مايزرع ومنهم باذر الشر بين الناس ، سيجني سوءَ مايصنع ومن الناس الشجاع الباسلُ ، المقدامُ للأعداء يردع ومنهم الجبانُ الرعديدُ الذي في كل يوم له مصرع وفيهم الشريف الأبيُ ، وهذا محله المحلُ الأرفع وفيهم السافل الدنيء النذل الحقير الوضيع الأوضع وفي الناس الصادقُ الصدوقُ ، الوفيُ الذي لايَخدَع وفيهم الكاذبُ الكذوبُ الأفاك ، إليه تُنسَبُ الرذائلُ أجمع * رافد : يقول الشاعر عبدالمحسن الصحاف : وغربل الناس وانخلهم بتجربة وكن فتى صيرفي النقد ذا وهل ِ فالناس أجناس فاخترمن تخالله منهم كما قد روي عن سيد الرسلِ واغرس بمزرعة الدنيا لآخرة غرساً حوى ثمراً من صالح العمل ِ عبدالله بن إبراهيم البريدي [email protected]