يعرّف ابن منظور الحقد لغة: بأنه إمساك العداوة في القلب والتربص لفرصتها وفي الاصطلاح : بطلب الانتقام وتحقيقه وقيل هو الضغينة أو الحنق الشديد المصحوب بعداوة وكراهية ونقمة تصل إلى حد السخط وقال القرطبي: هو الغّل الكامن في الصدر وذكرابن حجر أنها من كبائر الذنوب., والحقد عند بعض الناس طبع في نفوسهم المريضة يقتضي التشفي والانتقام بسبب خبث في النفس وشحّها في الخير لعباد الله تعالى قال تعالى(وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ) وعن جابر رضي الله عنه قال عليه الصلاة والسلام (تعرض الأعمال يوم الإثنين والخميس فمن مستغفر فيغفر له ومن تائب فيتوب عليه ويرد أهل الضغائن بضغائنهم حتى يتوبوا) صححه الألباني رحمه الله .والحاقد كما سبق تعريفه مريض يتعبه أن يرى نجاح الآخرين وتراه مهما نال من حظ ومال وسعادة لا يحمد الله عليها وتتجه نفسه للنظر فيما عند الغير والتربص له والنيل منه وإذا ما رآك الحاقد في نعمة أو حققت نجاحاً أو تكلل سعيك في أمر بتوفيق الله تجده مضطربا مرتبكا مهموما بنجاحك ..وإما أن يفضح نفسه بالتسلط عليك أو النيل منك أو التشهير بك أو السعي مع الآخرين الذين على شاكلة حقده وحسده وبغضه للتحزّب ضدك والتقليل من نجاحك ..والغريب في حال البعض في زمننا هذا أنهم يقابلون الإحسان والعطاء بالجحود والنكران وربما يعضّون الأيدي التي امتدت إليهم في زمن مضى لتنتشلهم من القاع إلى القمة بيد أنه يصدق فيهم قول الشاعر إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمرّدا إننا نرى اليوم العداوات والبغضاء بغير وجه حق ليس وراءها إلا الحقد والحسد حتى أن البلاغات والدعاوى الكيدية قد كثرت واستشرت للنيل من الناس وحقوقها دون وجه حق ..وهؤلاء المرضى لا يرعوون ولا يعودون لأحكام الشرع والصواب بل إن الكبر في نفوسهم المريضة يجعلهم لا يبالون بنص ولا شرع ولاحق (تأخذهم العزّة بالإثم) فيؤتون ما أتوا وقلوبهم بالحقد مليئة وهم أكبر الناس علماً بكذبهم وخداعهم وباطلهم لكنها المكابرة التي تجعل أولئك المتكبرين كالذر في عرصات المحشر بين الخلائق ..لأنهم تكبرّوا على عباد الله في الدنيا ..وقلوبهم بالحقد والحسد عامرة ونسوا ما ورد في الأحاديث الشريفة عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قلنا : (يا نبي الله من خير الناس ؟ قال ذو القلب المخموم واللسان الصادق قال يا نبي الله : قد عرفنا اللسان الصادق فما القلب المخموم ؟ قال عليه السلام : هو التقي النقي الذي لا إثم فيه ولا بغي ولا حسد) صحّحه الألباني..فتباً للحاقدين وتعساً لهم إذ لا ترفع لهم أعمال ولا تمنح لهم مغفرة حتى تزال سخائم قلوبهم من ضغائنها ومن دفائن البغض والعداء كما ورد في حديث الإثنين والخميس..إن ما نراه في المجتمع على مختلف فئاته ينذر باستشراء تلك الحالات المريضة وأولئك الحاقدين .. فأمثلتهم في نطاق الأعمال كثيرة تراهم يكيدون لزملائهم وحتى لمرؤوسيهم ويحفرون لهم الحفر ويدّبرون المقالب للنيل منهم والإضرار بهم والشكوى ضدهم وتأليب موظفيهم عليهم وما النتائج السلبية للأداء في القطاعات إلا نتاج تلك البيئات المريضة..وأولئك موجودون أيضاً في المجتمع بين الأصحاب والنوادي الذين يرتادونها ويسيئون إلى أصحابها ويتكلمون في ظهورهم ويدبرون المكائد لهم والأمر كذلك بين الأقارب والإخوان والأرحام الذين يصل الحقد ببعضهم إلى تحين الفرص للنيل من الآخرين والوقوف في صف الأعداء ضدهم واللعب على حبال كافة الأطراف للتنفيس عن أحقادهم ..بل إن الأمر قد يعمي أصحاب النفوس المريضة بالحقد والبغضاء بين أفراد الأسرة الواحدة فنجد أمهات مريضات حاقدات فاشلات لاهمّ لهن إلا غرس الحقد والضغينة والكراهية وتعضيدها لدى النشء ضد آبائهم ويعتقدن جهلاً وغباء أنهن منتصرات ولايعلمن بأنهن إلى جانب عقاب الله وسخطه عليهن بذنوب إغضاب الأزواج وكفران عشيرهن فإنهن يسئن إلى أولادهن الذين لن يدركوا خطورة العقوق إلا بعد فوات الأوان وسوف يدفعون ثمن ذلك في تعثرّ حياتهم قبل موتهم ثم الجزاء يوم الحساب فالعقوق من الكبائر التي ينتقم الله لها في الدنيا وتوعد أصحابها بالعذاب الشديد يوم القيامة..لكن الحقد يعمي القلوب المريضة وما نسمعه اليوم من قصص عن العقوق الذي يباركه البعض ويدافعون عنه تقشعر له الأبدان..فليس ثمة فرصة في سعادة لعاق والديه أو أحدهما ويصدق في ذلك قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ)صدق الله العظيم دوحة الشعر.. قالوا سكت وقد خوصمت قلت لهم إن الجواب لباب الشرّ مفتاح والصمت عن جاهل أوأحمق شرف وفيه أيضاً لصون العرض إصلاح