جميع الدول تعمل على إنشاء بنىً تحتيةً وتنفق على ذلك الأموال الطائلة لتستثمر عائداتها المالية فيما بعد في استثمارات تحقق الديمومة –بإذن الله- للإنفاق بل وزيادته وتؤمن لأجيالها-بذلك- مستقبل مشرق ،وإن أعظم بناءٍ ينبغي إن تنفق عليه الأموال ليكون فيما بعد أساساً للرقي في جميع المجالات هو بناء الشاب بناءً سليماً ليكون أداةً فاعلة في بناء الدولة حيث لا يقتصر نفعه على نفسه بل يتعدى ذلك إلى غيره من الأجيال التي تتدرب على يديه هذا الشاب الذي يعد بنيةً تحتية للجيل القادم لا ينبغي –في نظري- أن تختلف الرؤى في تقويمه وتأهيله التأهيل الجيد فهو محل استثمار ناجح لغد مشرق – بإذن الله – إن طريق بناء شابٍ نافع لمجتمعه يمر بغرس ثقته بنفسه وإشعاره بقيمته وأهميته في المجتمع وأن نجاح المجمع موقوف على شخصه وفي المقابل فإن عدم مراعاة ماتقدم يؤدي لنشوء جيل محطمٍ فاقدٍ الثقة بنفسة ذي شخصية ضعيفة غير قادرة على تحمل مسؤلياتها فضلاً عن غيرها مغرقةٍ في توافه الأمور مجانبة لمعاليها وهذا مايخاف وقوعه كل مصلح غيور على مجتمعه وإن واقعنا الحالي ليشهد على انغماس كثير من الشباب بأمور لا طائل من ورائها ولعل أكبر أسباب ذلك هو البطالة التي أوجدت شعوراً لدى الشاب المتلئ بالنشاط بأنه عبء على أهله بل وعلى مجتمعه فبدلاً من أن يؤخذ بيده ليدل على طريق نجاحه يترك هائماً على وجهه لايلوي على شيء مضيعاً لأوقاته بين تردد على استراحة ومدرج لحضور مباراة وبينهما عناية تفوق الخيال \"بونيت\" اشتراه والده ليقضي به الحاجيات فإذا هي تقضى له . نعم هذا هو واقع كثير من الشباب خصوصاً منهم من فقد الأمل في قبوله في الجامعة أو مادونها . ثم يأتي بعد ذلك من يناقش في صرف مبلغ زهيد يؤمن للعاطل بعض متطلباته ويقيه إراقة ماء وجهه ومد يده إلى الغير ولو كان الأب ،وليته بدأ بالمناقشة لهذه القضية الكبرى- في نظري- بل إنه أقر ملائمة الأمر للنقاش فقط!!!! نعم إن مجلس الشورى أقر الملائمة لمناقشة الموضوع فقط - يعني- بالعامية-\"يستاهل النقاش\"- في وقت تزداد فيه معاناة الشباب بل مآسيهم فبدلا من أن تشكل اللجان العاجلة ويناط بها بحث الأمر في الليل ولنهار تقر فقط الملائمة!! إنني مع عظيم احترامي لمعالي رئيس مجلس الشورى وأعضاءه ممن تفاعل ببرود مع المقترح أولم يتفاعل البتة أقول:إن الملائمة لنقاش الموضوع يعرفها الصغير قبل الكبير ، ثم أعتذر-أيضاً- لبعضهم ممن قد يرفض إما مبدأ الإعانة من الأصل أو يكرر إعادة البت في أمرها مراراً وتكراراً- حتى تمل الأنفس من المطالبة وتيأس ثم يُنسى الأمر ويعود كأن لم يكن - بأن أحدهم لم تمد له اليد من قبل ابنه لمبلغ مالي بل من حسن تربيته لابنه يبادر بذلك لمعرفته التامة بمفاسد إلجاءه لذلك، بل و تجده قد وفّر له أرقى المدارس مستوىً من حين بدءه في التعلم وحتى انتهى وبالطبع ستكون الوظيفة متاحة لكونه من المتفوقين . ثم إن أحدهم-أيضاً- لم يقف مع الشباب -حاملي الملفات الخضر- المتقدمين لطلب الوظائف في طوابير طويلة ليسألهم عن أحوالهم وكيف وصلوا إلى هذا المكان ومقدار أجرة إيصالهم ومن الذي دفعها فحتماً سيجد أن لكلٍ واحد منهم قصة. إن هذه الإعانة لن تثقل كاهل الدولة في أي حال من الأحوال وإن حصل ذلك فلا غضاضة ولا خسران لأنها استثمار في إنتاج جيل واثق بنفسه يأنف من مواضع الذل، ينظر بين يديه فيجد شياً يتدبر به بعض أموره بل ولربما استثمره أو بعضاَ منه، واسألوا طلاب الجامعات الذين ربما صرفوا على أهليهم من مكافأة الجامعة التي لاتتجاوز الألف ريال وبعضهم ربما استثمر منها ،إنني أجزم بأن كثيراً من هؤلاء قد عرفوا كيف يدبرون أمورهم بهذه المكافأة فنشأت بطريق غير مباشر الثقة بالنفس وحسن التدبير ثم نشوء الجيل الصالح الذي تَقرُ به الأعين. إن هذه الإعانة استثمار في إيجاد عنصر صالح لا يتوقع منه الجُرْم فضلاً أن يقع منه وهذا استثمار من ناحية تخفيف الأعباء المالية المتعلقة بالجانب الأمني . بل هي استثمار في الجانب الاجتماعي فلن نجد أو نسمع أن والداً اختصم مع ولده؛ بسبب رفض الوالد إعطاءه المصروف لضيق ذات اليد أو للبخل لاغير. لقد قرأت تحقيقاً عن الموضوع في إحدى المجلات وكنت أتوقع من بعض من طلب منهم الحديث عن الموضوع أن يلامسوا بكلامهم المشاعر قبل الدراهم!!، ويخففوا المعاناة ولو بالكلام!!، فوجدت أن أحدهم يقول:إنها قليلة فلن تفي بالمتطلبات وأقول :عجباً هل الحرمان هو العلاج !!، ثم يرجف ويخوّف بأن خزينة الدولة ستتكلف الكثير بمجرد إعانة العاطلين الذكور ،ويضيف بأننا لو فتحنا هذا الباب فإن العاطلات سيقلن الكثير ويطالبن بما يعد مستحيل ثم يزيد في إرجافه ويذكر بأن فاتورة الحساب ستزداد كلما مر الزمان . إنني لست في معرض مصادرة آراء الآخرين فلكلٍ رأيه وإن اختلفنا معه فيبقى له كثير من الاحترام لكن لانقبل بأي حال من الأحوال أن تقزّم القضايا الكبار ويهون من أمرها أو في المقابل يتم تضخيم تبعاتها. ثم إننا في المقابل-أيضاً- ينبغي أن نقف احتراماً لإخوة بحثوا عن هموم الناس ومشكلاتهم لحلها وشاركوهم في حملها، ثم سعوا لوضعها على طاولة النقاش فلهم منا كل التحية والتقدير وأخص منهم مقترح الإعانة عضو مجلس الشورى المهندس سالم المري، وأبشّرهم بأن أكفاً طاهرة تدعو لهم بالليل والنهار وأن أسمائهم ستسجل بمداد من ذهب في كتب التاريخ الذي لن يرحم في المقابل مميعي القضايا- إن عدوها قضايا – ومن لم يرفع رأساً بهموم الناس ومشكلاتهم فإن آخر صفحات كتب التاريخ أولى بأسمائهم إن وجدت فيها مكاناً . إن سعادة المجتمع بأمثال المري ليس لها حد بل كذلك القيادة في هذه البلاد –حفظها الله- لما علمنا عنها من حرص على المصلحين وتبويئهم أعلى المناصب وإنني أدعو من وثقت بهم القيادة في هذه البلاد فولّتهم المناصب العليا إلى النزول إلى الشارع ومشاركة عموم الناس في أفراحهم وأتراحهم وسماع مايدور في مجالسهم وتفقد أحوالهم، لا أنكر شدة حرص البعض على الإصلاح ولكن ليس الخبر كالعيان وأكاد أجزم بأن مفاهيماً كثيرة ستتغير بعد ذلك، ثم نرى في يد كل عضو من أعضاء مجلس الشورى قضية يضعها على الطاولة للبحث ، ثم يتفانى في توضيحها وتمريرها للدراسة ثم البت في أمرها. ..............وإلى اللقاء على خير وكتبه : خالد بن ناصر العلي [email protected]