فجر يوم السبت .. كان يوماً غير اعتيادي .. خيّم الحُزن على أرجاء الكون .. جاءت الاخبار كالعاصفة .. من امريكا .. هبّت رياح الاحزان .. تحملُ معها اطياف رجل .. وذكريات رجل .. وتزرع في طريقها .. هموم أمه .. قال الخبر (سلطان مات ..!!) توقفت الالسنُ .. وتوسعت احداقُ العيون .. وتكاثرت الاسئلة .. هل رحل رجلُ الانسانية .. رجلُ المواقف والبطولات .. صاحب اعظم ابتسامة في التاريخ .. تعلمنا منه كيف نُحب .. وكيف نزرع طُرقنا بالحُب .. تعلّمنا منه كيف نُعطي بلا تردد .. بلا مواراة .. ولا منّة .. كان رحمه الله عطاء بسخاء .. عُرف عنه الكرم رحمه الله .. كان كريماً الى حدّ انك تسمع قصصا تقول هل يوجد بشرٌ على سطح الكرة الارضية بهذه الاخلاق وهذه الانسانية .. وهذا العطاء الذي لاينضب .. وهذا السمو .. مواقفه مع اليتامى لاتُنسى ودعمُه للجمعيات الخيرية والانسانية تُسطّر بماء الذهب .. ينقطع ابن ادم عن الدنيا وتبقى اعماله .. وافعاله .. وولدٌ صالحٌ يدعوا له .. (ولديك ياسلطان ملايين من الاولاد يدعون لك ). صبيحة السبت كان يوماً كئيباً .. ليس كعادته سبتٌ مليء بالحيوية والنشاط .. ولكنه في هذه المرة سبت كئيب مليء بالحُزن والمرارة على فقيد الوطن .. حينما تذكُر (سلطان ) فانت لاتذكر رجلا عاديا مرّ بالتاريخ ورحل كغيرة كُثر .. بل إنك تذكر رجلا سطّر بماء الذهب اسمه وحفر بماء الذهب اسمه على صخور التاريخ .. لن ينسى التاريخ اسمك ولن تتوارى ابتسامتك وقامتك وهامتك عن اعيُننا .. لديك من الابناء الملايين داخل الوطن وخارجه يدعون لك .. انت يامن مددت ذراعيك لليتامى والارامل والضعفاء والمساكين .. يامن احتضنت بقلبك هؤلاء اليتامى .. لن ينساك التاريخ ولن يبخل عليك هؤلاء البشر بالدعاء .. لن ينسى التاريخ مواقفك وافعالك .. جمعيات خيرية وإنسانية .. ومدنٌ للضعفاء والمرضى والعاجزين ..افعال تستمر وعطاء لايتوقف حتى بعد رحيلك عن الدنيا فلديك كنزٌ من العطاء يستمر ويستمر ابناؤك بنفس منهجك يا منبع العطاء .. أسست للحب باباً .. وللخير ابوابا .. فلن توسد برحيلك الى جوار ربك .. لن توسد مادمنا احياء فنحن جميعاً (سلطان ..) زرعت فينا حب الخير والعطاء لليتامى فلن نبخل عليك بالدعاء والعطاء والاستمرارية .. سنسير على نهجك ومدرستك واسلوبك .. سنزرع الابتسامات فيمن حولنا ونقرع ابواب الضعفاء لنقتلع منهم الهمّ والحُزن ونضع مكانها الف باب للخير .. هكذا تعلمنا منك .. وهكذا علمتنا .. وفهمتنا ... (سلطان الخير) رحل بجسمه الى مثواه الاخير ولكنه لم يرحل بعقله وافعاله وتعليماته وتوجيهاته .. رحل بجسمه ويبقى حبه وعطاؤه .. تبقى صورته وطلّته البهية تعانقنا كل صباح .. لن ننسى ولن ينسى التاريخ ذلك الرجل الذي اسس مدينة الامير سلطان الانسانية وجامعة الامير سلطان للعلوم والمعرفة وجمعيات هُنا وهُناك .. لن ينسى التاريخ مواقف سموه في دعم الزواجات الجماعية .. والارامل والضعفاء واليتامى .. لن ينسى التاريخ مواقفه في احتضان الاطفال وتقبيلهم ومسح دموعهم .. لن ينسى التاريخ احتضانه للطفل المريض على شاشات التلفاز وتقبيله امام البشر وهو يقول له (ابشر) قل ما تشاء واطلب ما تشاء وسألبيها لك. عطاؤه لا يتوقف .. يرجو الله في افعاله .. لا يأبه بالفقر او فقدان المال .. حكمته انفق مما اعطاك الله وفي الغيب رزقكم وما توعدون .. يؤمن ان في السماء عند الله خيرا كثيرا خيرا مما ننفق .. فكان رحمه الله ينفق بالليل والنهار .. التزم الكرم والتصق باسمه .. حينما تذكر (سلطان) لدى الملأ فأنت تذكر الكرم .. وكأن الكرم اشتق من اسمه .. من يعرفه ومن لايعرفه حينما تذكر اسمه في المجالس - حتى والله خارج الديار - يقول لك سلطان الخير .. سلطان الكرم .. هكذا هي افعال الرجال .. ممن وهبهم الله حب الخير وحب الافعال التي ترسم على وجوه الاخرين الفرح .. والغبطة والسرور .. همه رحمه الله ان يكافئ من يعمل بجد واخلاص .. همه ان يزرع الخير فيمن حوله ولمن حوله .. همه كيف تتعامل برُقي مع الاخر اياً كان هذا الاخر .. كان رحمه الله يقول دائما - وهو صاحب اشهر ابتسامة في التاريخ - يعلم الله انني احبكم في الله فلا تبخلوا عليّ في الحب والدعاء .. ازرعوا الخير تحصدوا الخير .. لاتبخلوا على انفسكم ومن حولكم بالحب والعطاء .. كونوا عوناً لاخوانكم يكونوا عوناً لكم ... هكذا هي تعاليمه ومدرسته ومنهجهُ .. رحمه الله .. ان تتوقف وتكتب محاسن هذا الرجل فانك لن توفيه حقه ولن تتسع لك صفحات الجرائد ولكن الشمس لاتغطى بمنخل .. ف.. سلطان .. رحمه الله كان ابا العطاء والانسانية والخير والكرم ... لن يتوقف عطاؤه برحيله .. رحل بجسده وبقيت اعماله وافعاله ومشروعاته الخيرية .. وكنوزه العظيمة من افعال الخير .. رحل بجسده الى مثواه الاخير وبقيت ابتسامته عالقة في اذهاننا واذهان الاطفال والارامل والضعفاء .. أسال الله لنا وله الرحمة والغفران وان يلهم اهله وذويه الصبر والسلوان وأن يسكنه فسيح جناته وإنني ارجو الله منكم جميعا ان لاتبخلوا عليه بالدعاء فهو لم يبخل علينا بالنصح والارشاد والعطاء رحم الله فقيد الامة..