)) في يوم من أيام الدوام ( العمل ) اتصل علي شخص على هاتف مكتبي لا أعرفه : وقال لي : فلان قلت : نعم ، أنا فلان فقال لي : أرجوك سامحني ! أو اجعلني في حل ! فقلت من أنت فقال : لن أخبرك ! فقلت : عن ماذا أسامحك ؟ فقال : إني اغتبتك بمجلس ما ، فقلت : سامحك الله وجعلك في حل . انتهت المكالمة . إخواني القراء إن العفو والتجاوز عن الآخرين أفضل عند الله ، وقد يظن البعض منا أن عدم التجاوز والعفو أحسن ؛ حيث نأخذ من حسنات غيرنا وهذا صحيح لما ثبت عن النبي $ أننا نأخذ من حسنات غيرنا إذا ظلمونا ولكن التجاوز والعفو أفضل وأجمل ؛ ذلك أن الله سبحانه وتعالى تكفل بالحسنات ، ويعطينا أفضل من حسنات من ظلمونا ، ووقعوا في أعراضنا أو أخذوا أموالنا ، يقول تعالى { وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } ( النور:22) ، ويقول { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }( الشورى:40 ) . والنبي عفا عن أناس كثيرين ، وقعوا في عرضه ، وسبوه ونالوا منه واعتدوا عليه ، بل وطردوه من وطنه ، فعفا عن أبي سفيان بن حرب ، والحارث بن هشام وغيرهما . أخواني القراء : ما أجمل وأحسن أن تعفوا كما عفا رسول الله وكما عفا أبو بكر عن مسطح بن أثاثة . إن العفو من شيم الكرام ، وصفات أهل الإيمان ، وليس معنا ذلك أن نترك للناس أعراضنا ليقعوا فيها أو لحومنا ليأكلوا منها ، قد حدثني أحد الإخوة أن الشيخ العلامة محمد بن صالح بن عثيمين – رحمه الله – اتصل عليه شخص وقال له : ياشيخ محمد : حللني فقد وقعت في عرضك ! ( يعني اغتبتك ) فقال ابن عثيمين – رحمه الله – : لن أسامحك فلما وضع الشيخ السماعة قال لمن حوله : اللهم اجعله في حل ، ثم قال الشيخ : إني فعلت هذا لكي لا يستمر المتصل وأشباهه في غيبة الآخرين . إخواني القراء : ألا تحبون أن يغفر الله لكم ؟! قالها ربنا لأبي بكر الصديق ، أيها القارئ : كانت وصية رسول الله لعائشة في رمضان أن تقول : ( اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ) ، اللهم اعف ربنا عمن ظلمونا أو وقعوا في أعراضنا أو أخذوا أموالنا فما عند الله خير وأبقى . أخي القارئ : اذهب إلى من قاطعتهم فصلهم وإلى من أحزنتهم فأفرحهم وإلى من عاديتهم فسالمهم وإلى من اغتبتهم فتحللهم ، وإن لم تفعل هذا الآن فإلى متى .. إلى متى .. إلى متى .. !! كتبه فهد بن سليمان بن عبدالله التويجري مدير إدارة أوقاف محافظة المجمعة