هل يعود عنف القاعدة للسعودية من جديد من طبيعة الحركات الراديكالية أنها تقوم على أهداف كبرى وتطرح شعارات مثالية لاستقطاب الأتباع وكسب تعاطف الجمهور ، ونتيجة عجزها عن تحقيق أهدافها لا تلبث أن تتردى في أهدافها إلى مجرد إثبات حضورها ، والمحافظة على وجود التنظيم ، وبالنظر للقاعدة فإنها طرحت أهدافا مثالية خيالية وهو تدمير أمريكا وإسرائيل والقضاء عليهما ، ولأن هذا حلم خيالي أقرب للسذاجة منه للواقع فلا إمكانيات القاعدة تساعدها على ذلك ، ولا واقع الأمة الإسلامية يساعد على ذلك ، ولا واقع أمريكا وإسرائيل يسمح بذلك ، وإذ عجزت عن تحقيق هذا الحلم الخيالي فمن الطبعي أن تنحدر في أهدافها وتبحث عن الممكن في نظرها ؛ومن هنا تحولت إلى حرب الأنظمة الحاكمة بحجة عمالتها لأمريكا ؛ وأن إسقاطها خطوة لتحقيق الهدف الأكبر وهو إسقاط أمريكا ، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف الثاني قامت بعدة تفجيرات في السعودية واليمن والجزائر ومصر ، والمغرب ، وهي في مجموعها تفجيرات محدودة أساءت إلى القاعدة وأثبتت أنها تحولت إلى مجرد منظمة إرهابية ، لا تبالي بأي قيم دينية ، أو ضوابط أخلاقية ، أو مصالح الأمة في سبيل تحقيق أهدافها ، وهذا ما أفقدها ما تبقى لها من تعاطف جماهيري ، وتعرت أمام جمهورها الذي كان مخدوعا بشعاراتها الكبيرة ، وهذا ما ساعد قوات الأمن على ملاحقتها وتفكيك خلاياها بوجود تعاطف جماهيري مع جهود قوات الأمن حتى تحولت إلى شراذم ، وأفراد ملاحقين لا حول لهم ولا قوة ، وإذ نجحت قوات الأمن في ملاحقتها وتفكيك خلاياها فمن الطبعي أن تتحول أهدافها مرة أخرى إلى مجرد المحافظة على وجود التنظيم ، والإعلان للرأي العام عن وجودها وقدرتها على القيام بعمليات عسكرية، وهنا تكمن خطورة القاعدة اليوم ، فإعلان وزارة الداخلية أسماء المطلوبين وكلهم خارج السعودية – وهذا بلا شك دليل نجاح الأمن بالقضاء على وجودهم الداخلي –هذا الإعلان سيشكل ضغطا على أولئك الأفراد وعلى التنظيم لإعلان حضوره وإثبات وجوده داخل السعودية ، وإثبات الحضور لا يتطلب القيام بعمليات كبيرة ؛ بل مجرد عمليات صغيرة كاغتيال رجل أمن ، أو مثقف أو تفجير في دائرة حكومية أو ثقافية ؛ ومما يساعد على القيام بمثل هذه الأعمال أن من أعلنت أسماؤهم تحولوا إلى قنابل متحركة إذ فقدوا الأمان وعرفوا أن نهايتهم وشيكة قتلا أو أسرا ، وهذا ما يجرئهم على اختيار نهايتهم بأيديهم لا بأيدي غيرهم ، فحال التنظيم اليوم وحال أفراده – خاصة من أعلنت أسماؤهم - شبيه بحال قطة حوصرت في مكان ضيق للإمساك بها فهي تدفع عن نفسها بكل ما يمكن عضاً بالأسنان وجرحا بالمخالب ، ونفشا في الشعر ، ورفعا وتنويعا للمواء ، والقطة أشرس ما تكون حينما تحاصر ويضيق عليها الخناق . وهذا يتطلب يقظة فائقة على حدود السعودية منعا لتسلل أولئك الأفراد للقيام بمثل هذه المهمات القذرة ، ويقظة من جمهور المواطنين للمساهمة بالإبلاغ عن كل مشتبه به ممن يمكن أن يكون منتمبا لهذا التنظيم الإجرامي والله المستعان د سليمان الضحيان أكاديمي وكاتب سعودي [email protected]