لسنوات قليلة مضت كان لدينا ثمان جامعات فقط ، وكان هناك مطالبات كثيرة بافتتاح جامعات جديدة لاستيعاب الأعداد الكبيرة التي يدفع بها التعليم العام ولا تجد سوى الأرصفة بحجة عدم وجود مقاعد تستوعب تلك الأعداد الهائلة .. فجأة وخلال أعوام قليلة وجدنا أنفسنا أمام عشرين جامعة حكومية عدا الجامعات الأهلية التي أنشئت.. نفس الوضع كان بالنسبة للصحف المحلية ولكنها توقفت عند العدد سبعة لأكثر من أربعة عقود لم يصدر خلالها إلا مطبوعة واحدة جديدة هي الوطن.. نسمع أن هناك طلبات لإصدار صحف محلية أو مناطقية ، و أن بعضها خطى خطوات كبيرة في الإعداد مثل جريدة الحدث من جازان والصباح من تبوك التي قطعت شوطا كبيرا في الإجراءات وقد يكون صدورها متوقف على الموافقة أو التصريح من وزارة الإعلام التي يترأسها كاتب صحفي ومثقف مفكر يعرف تماما دور الإعلام وأهميته في توجيه دفة المجتمع.. وأنها تواجه عقبات إدارية تحول دون الصدور.. إن تأسيس أثنى عشرة جامعة جديدة في مختلف مناطق المملكة في فترة زمنية قصيرة جدا تحسب لخادم الحرمين الشريفين الذي أدرك أن أنجع استثمار هو الاستثمار في البشر ، وأن أي تنمية حقيقية لا تضع ذلك في الاعتبار لن يكتب لها النجاح . فخطى خطوات واسعة في سبيل إصلاح التعليم ونشره بما في ذلك تعميم التعليم العالي على جميع مناطق المملكة وفي ذلك فوائد كثيرة لا مجال لذكرها هنا.. وإذا كان التعليم ضرورة وعلى أساسه يقاس مدى تقدم الأمم ، فإن الإعلام هو الآخر مهم ويلعب دورا كبيرا في تكوين الرأي العام وتوجيهه الوجهة التي تتماشى مع الطابع العام للمجتمع والذي ترغبه الدولة ، ولذلك فإن افتتاح أي منبر إعلامي جديد يعتبر في مصلحة الدولة والمجتمع . فمع الانفتاح على الأجواء المختلفة ، سواء عن طريق البث الفضائي أو الانترنت ، بدأت تظهر منابر أخرى كثيرة ومتنوعة ، لا تخضع لأي تنظيم ولا تلتزم بالسياسة الإعلامية للمملكة ، مع أنها تقرأ وتشاهد بشكل كبير من قبل المواطنين السعوديين ، مما يفوت عليهم الرسالة المحلية المرغوبة التي يجب أن تصلهم دون تشويش. إن أي صحيفة محلية تختلف عن المنتديات والمواقع الالكترونية التي لا يعرف مصدرها ، ولا من يكتب فيها ، ولا رئيس تحريرها وبالتالي فإنها تتملص من أي تبعات ومسئوليات ، بعكس فيما لو كانت صحيفة ورقية معروف من يكتب فيها ، ومن صاحب امتيازها والمؤسسة التي تصدر عنها ، وتخضع لتوجيهات السياسة الإعلامية للمملكة .. وهذي يعني أنه من صالح الدولة قيام المزيد من الصحف شبه الرسمية بل والمستقلة.. قد يقول قائل إن الصحف الوليدة سوف تفشل ، إذ لن تقوى على المنافسة في ظل وجود صحف عريقة ، ويعزز ذلك وجود صحف قائمة مهددة بالتوقف مع أنها قائمة منذ عقود .. فنقول له إن ذلك ليس مبررا مقنعا للتخلي عن فكرة فتح المجال لصحف جديدة تكون تحت السمع وتحت البصر. فالصحيفة التي تبنى على أسس سليمة وبعد دراسات جدوى وتدار بأسلوب اقتصادي حديث سوف تنجح في الغالب والدليل جريدة الوطن التي أسست متأخرة وأصبحت تنافس الصحف العريقة خلال فترة محددوه وربما في عامها الأول. إن الصحافة بالإضافة إلى كونها رسالة هي صناعة أو مشروع تجاري ، والمملكة تتبنى اقتصاديا سياسة الأسواق الحرة المفتوحة فلندع آلية السوق تعمل بإتاحة الفرص للجميع ويكون البقاء للأصلح.. ماذا يضير إذا أسست لعشر صحف وصمد منها خمس صحف جيدة على أسوأ احتمال .. إنه مكسب للبلد وللمجتمع. إذا مثل ما قامت عشرون منارة تبث العلم في أرجاء المملكة لتتماشى مع التحولات السريعة وتستجيب للواقع المتجدد ، نتمنى أن نرى عشرين صحيفة محلية تبث الوعي وتساهم في خلق رأي عام مستنير.. عبدالله العرفج