انتهى الباحث والمؤرخ "مساعد بن حمزه القوفي" مؤخراً من إصدار كتابه الأول "أملج الحوراء من الألف إلى الياء" والذي تحدث فيه عن مدينته محافظة أملج، الواقعة شمال غرب المملكة العربية السعودية، وتتبع لمنطقة تبوك إدارياً. وتناول "القوفي" في الكتاب الذي يقع في 200 صفحة، تعريفاً بمحافظة أملج، ولمحة تاريخية عنها على مر العصور بداية من أملج قبل الميلاد ثم أملج في العصور الوسطى وأملج في نهاية القرن الثالث عشر ونهاية إلى أملج في العصر الحديث، ثم توسع المؤلف في سرد الحياة الإجتماعية للسكان والمهن البحرية وقصص (رجال البحر) وبطولاتهم في رحلاتهم والأهوال التي مروا بها ومقتطفات من أشعارهم، كما تحدث عن المواقع الأثرية والأماكن السياحية وتطور المحافظة مدعماً ذلك بالصور.
وأضاف المؤلف في كتابه عدداً من الأحداث التي سجلها تاريخ أملج وصور من الماضي والعديد من الوثائق القديمة ومختارات من أشعار الأحفاد.
المؤلف خلال توقيعه إحدى نسخ الكتاب
قصة الكتاب
وأوضح المؤرخ "مساعد القوفي" ل"صحيفة أملج" خلال زيارتنا له وتشرفنا بإستلام إهدائه نسخة من الكتاب، بأن أول من شجعه في فكرة الكتاب هو الأستاذ "عبدالعزيز بن محمد حمدان الحصيني" الذي كثيراً ما تكون بينهم لقاءات ثقافية وأحاديث أدبية وتاريخية خاصة في تاريخ محافظة أملج.
وأضاف: منذ أن كنت أدرس بالمرحلة المتوسطة وأنا شغوف بالقراءة والإطلاع والبحث وقد قرأت عن الرحلات الحجازية كثيراً، فطلب مني الأستاذ "عبدالعزيز الحصيني" أن ابدء في الكتابة عن محافظة أملج وكان هذا دافعاً لي خصوصاً وأن "الحصيني" له تجربه في التأليف ومنها كتابه المميز (الغزو البرتغالي)، كما أن ما دفعني للكتابة هي حياة الرجال الذين عاشوا في البحر وغامروا وكانوا بسطاء كادحين و قد لا يعرف الكثير عن حياتهم ووبطولاتهم والمصاعب التي واجهوها والقصص والأهوال التي يشيب منها الرأس وبفضل الله ثم بقوتهم سارت السفن الشراعية القديمة من ميناء أملج إلى العقبة والسويس أو العكس من هناك إلى جدة أو جيزان أو إلى بور سودان وعلى أكتافهم حملوا الأرزاق من ميناء أملج الذي كان يضاهي ميناء مدينة جدة في الحركة التجارية والضرائب الجمركية وهناك وثائق في إدارة مالية أملج تؤكد ذلك لمن أراد أن يشاهدها.
وأكمل "القوفي" حديثه: من حبي لبلدي التي عشت وترعرت فيها فحب الوطن غالي على النفس، وقد توكلت على الله وبدئت في تأليف هذا الكتاب قبل 4 سنوات وقد وجدت دعماً من الدكتور "نايف بن محمد عايد المرواني" والمهندس "مروان بن محمد عايد المرواني" الذي كان دائماً ما يلح علي بتدوين القصص التي كان يسمعها مني وقام بتزويدي بالصور وبالمراجعة النهائية للكتاب، كما ساعدني الدكتور "محمد بن إبراهيم الدبيسي" والأستاذ "عبدالرحمن بن مسيفر الابراهيمي" الذي زودني بعدد من المستندات التجارية القديمة وكذلك الأستاذ "عادل بن حسن العلاطي" والأستاذ "أحمد بن رحيمي العلاطي" الذي قام بتزويدي بعدد من الصور للمواقع الأثرية، ولا أنسى زوجتي الغالية وأبنائي البررة وبنيتي التي تفرغت معي وساعدتني في طباعة الكتاب وكل من ساعدني ودعمني، ثم بعد ذلك واصلت الكتابة وقد أخترت أن أعرف القارئ بتاريخ محافظة أملج دون ذكر التفاصيل الممله مستشهداً بالمصادر ولم أغفل أي جانب تاريخي مرت به المحافظة، فمثلاً أملج قبل الميلاد تحدثت عنها العديد من المصادر وقد أكتفيت بمصدر أو مصدرين، وعندما تحدث عن أملج في العصر الحديث -مع أني لا أملك الوصف- الإ أني حاولت أن أنصف خاصة وأني أدركت البلد قديماً، كما أن قصص البحاره أخذتها من أفواه البحاره الكبار الذين ما زالوا على قيد الحياه –الله يعطيهم الصحة والعافية- وقد عايشوا هذه القصص بأنفسهم، وهنا أتذكر بيت من كسرة قديمة للشاعر "عايد القريشي" يقول فيها: مثل الذي دافع الباحه * ما بين أيوه ولا يسلم، وقد أوردت هذه القصص كما سمعتها منهم.
ما سبب عدم ذكر الأسماء والشخصيات في الكتاب
وذكر "القوفي" بأن العديد ممن قرأ الكتاب تمنى أن يتوسع في ذكر القصص الماضية وأخرون كان ملاحظتهم عدم ذكر الأسماء والشخصيات في القصص ولكنه رأى عدم ذكر أي أسم في الكتاب خشية أن يقع في حرج نسيان أشخاص، وكانت الفكرة لديه هي ذكر قصص ومدينة وأهلها هي أملج وقراها التي تحتوي على نسيج إجتماعي واحد وكتله مترابطة تفاخر بها الى اليوم، وذكر أنه في الماضي وقت الأباء والأجداد كان الجميع يعيش دون تفرقه أبداً بل أبناء وأهل بلد واحد والجميع يفاخر بأبناء بلده ومجتمعين في أفراحهم وأتراحهم ولهم عاداتهم وتقاليدهم الإجتماعية التي قد لا توجد في مكان أخر، متمنياً أن يعرف الجيل الحالي كل ذلك.
لماذا ربط أملج بالحوراء
وفي سؤالنا عن تسمية الكتاب وربط أملج بالحوراء قال ضيفنا: الكتاب يتحدث عن محافظة أملج ونشأتها خاصة في التاريخ الحديث ولكن لابد أن أعرج على تاريخها، لذلك ذكرت الحوراء وهي الأساس والأم واذا تحدتث عن الأبن لا أبد أتحدث عن الأم ولو بشئ قليل، والحوراء معروفه تاريخياً وموجودة بالمراجع كثيراً ولكن لابد من ذكرها.
وأضاف: توسعت في تاريخ أملج الحديثه وحرصت أن لا أغفل شيئاً خصوصاً وان الجيل الجديد لم يدركها وقد هدمت مبانيها وذهب الكثير من رجالها الكبار والقدامى، كما تميز الكتاب بقصص البحارة وتوسعت في ذلك، وقد أوردت كسرة للشاعر محمود بن عزازي العنزي ذكر فيها عادات وتقاليد أهالي محافظة أملج في ماضي الزمان وهي شاملة ومكمله اذا حصل نقص في ذكري للعادات والتقاليد، كما أن الجيل الحالي يحب الأختصار وعدم القراءة الطويلة.
أملج لها تاريخ ثري ومادة سمه للباحثين
وعن أهمية وحاجة محافظة أملج لمزيد من البحوث والإنتاج والتأليف خاصة في تدوين تاريخ المحافظة وأهلها – مع عدم إغفالنا أن هناك العديد من الكتب التي تناولت ذلك ولمؤلفين من أبنائها- قال "القوفي": هذا ضروري ومهم، وهذه بلدنا وواجب علينا، وهذا اجتهادي وقد تحدث عن شئ من تاريخ البحاره وقد أكون أغفلت شيء وأملج لها تاريخ كبير ثري ومادة دسمة وجميلة في كل شيء، وهناك قصص كثيره إجتماعية، فأتمنى وخاصة من جيل شباب أملج البحث والتدوين والتوسع أكثر، وقد تواصلت معي مؤخراً إحدى الطالبات من مكةالمكرمة التي تحضر لبحث رسالة الماجستير عن تاريخ أملج في عهد الملك عبدالعزيز –رحمه الله- وهذا دليل أن أملج أصبحت معروفة تاريخياً وسياحياً بفضل الله ثم بجهود أبنائها، وهناك أيضاً أحد الشباب المهتمين والباحثين وهو مالك بن محمد الحصيني الذي استفيد منه شخصياً، ولا شك أن كل البحوث والكتب التاريخية ستفيد محافظة أملج مستقبلاً، ومن ذلك تواصل معي محافظ أملج الأستاذ زياد البازعي وأبدى إعجابه بالكتاب وطلب توفير الكتاب لضيوف المحافظة بهدف التعريف بها، وقد أهديته عدد من النسخ.
رسالته لشباب أملج
وفي نهاية لقائنا الذي طال كثيراً وتناولنا الكثير من الأحاديث التاريخية والثقافية عامة وفي أملج خاصة، طلبنا منه توجيه رسالة لأبنائه من جيل أبناء أملج الشباب، فقال: رسالتي لجيل الشباب، هذه بلدكم ولا نوصيكم عليها، خاصة في خدمتها في كل المجالات، وفي الجانب الثقافي أتمنى منكم وهذا حلمي وأسعى له منذ زمن وأتمنى أن يتحقق قريباً ان شاء الله من خلال بداية وإنطلاق الشباب في إنشاء صالون ثقافي، وسنساعدكم في ذلك، بهدف خدمة أملج وابنائها وتنشيط الحركة الثقافية وإقامة الأمسيات التي تخص أملج والثقافة عامة واستضافة جميع أهل البلد والأدباء والمثقفين من أملج وخارجها وتبادل المعلومات والتجارب والقصص في ما بين الجميع ليستمع لها الشباب ويناقشها بالإضافة إلى إتاحة التدوين والكتابة من خلال الروايات و القصص والكتب وغيرها من الفنون.
شباب أملج وأعمالهم المشرفة دوماً وقصيدته في "مصوري أملج"
وأضاف: جيل الشباب بأملج لهم أعمال وأنشطة مشرفة داخل أملج وخارجها وعلى مستوى المملكة وهم ابنائنا ونفتخر بهم جميعاً في كل مجال، و على سبيل المثال "مجموعة مصوري أملج" من الشباب الذين اعتبرهم وصلو للعالمية من خلال مشاركتهم في المعارض والمراكز التي حققوها من خلال فن التصوير الضوئي، وقد كتبت قصيدة في ذلك بعد مشاركتهم العام الماضي في ملتقى ألوان السعودية الذي تنظمه الهيئة العامة للسياحة والثراث الوطني بالعاصمة الرياض، قلت فيها:
اهلاً بكوكبة اضاءو سمائنا وتألقت بنجومه حورائنا طبتم وطاب الحب فيكم دائماً وثماركم قد أينعت طاب الجنى روح الفريق تجسدت في نهجكم قيدا النجاح مكللاً عالي البناء وممثل اعلامكم ذات الفتى يضع الكلام مكانه لا يلحنا جدتم صور تعبر وجودها لا يمحيها قدم ولا حتى الفنا ابرزتم أملج بكل جمالها فالكل مشتاق لرؤية شطنا عدساتكم سلمت وتلك أنامل لقطت بها جل الهضاب بأرضنا ارسموا لألئ لايأبه بوقعه جمعكم منا لكم شكراً جزيلاً والثنا
أصداء الكتاب والأديب "مطلق الأحمدي"
الأديب "مطلق الأحمدي"
الشاعر والأديب عبدالرحيم بن مطلق الأحمدي تناول في مقاله "دستور يا الساحل الغربي.. شواطئه وعبابه ذكريات تداعب الوجدان" والذي نشر في جريدة الرياض في عددها 17601 بتاريخ الخميس 29 ذو القعدة 1437 ه الموافق 01 سبتمبر 2016 م، حيث تطرق لكتاب "القوفي" وتناول عدة جوانب أدبية، لمشاهدة كامل المقال: اضغط هنا
صورة ضوئية من صحيفة الرياض لإحدى المناسبات الثقافية بأملج عام 1427ه.
المؤلف في سطور
مساعد بن حمزة عبدالله القوفي
درس المرحلة الابتدائية في المدرسة السعودية بأملج حتى الصف السادس في مدرسة عبدالحميد الكاتب حالياً وكان اسمها سابقاً مدرسة المحلة الجنوبية، ثم درس المرحلة المتوسطة في متوسطة أملج وكانت الوحيدة في المدينة واسمها حالياً نورالدين زنكي، ثم تخرج من معهد إعداد المعلمين الثانوي بجدة بدرجة دبلوم معلمين ثانوي عام 1396ه.
وقد عمل مديراً لمدرسة عيينه بمنطقة تبوك، كما عمل معلماً لمادة اللغة العربية لمدة سنتين بمدرسة الشدخ، ثم عمل معلماً لنفس المادة في مدسة الباطن لمدة اربع سنوات، ثم في مدرسة الحافظ بن عساكر لمدة اثنا عشر سنة، ثم مدرسة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لمدة سنتين.
وقد تميزت فترة عمله في المدارس بالعديد من الأنشطة المدرسية والمتنوعة التي أسندت له وأشرف عليها.
أعمال سابقة:
أميناً للمكتبة العامة بأملج لمدة عشر سنوات ونصف. عضو لجنة التنمية السياحية بأملج.
حالياً:
عضو المجلس المحلي بأملج. عضو اللجنة الثقافية التابعة لنادي تبوك الأدبي.
وللحصول على الكتاب: متوفر بمكتبة الحلواني الواقعه بشارع الملك عبدالعزيز بأملج.
مؤلف كتاب "أملج الحوراء من الألف إلى الياء" مع المحرر.