قرأت مؤخراً لجوء شركة تسيير قطارات بالعاصمة طوكيو إلى استحداث تقنية جديدة تراقب من خلالها أداء موظفيها، ممن يقدمون خدمات للعملاء؛ حيث تقيس أجهزة خاصة معدل ابتسامات الموظفين لتقدير ما إذا كانت وفق المعايير المطلوبة لإرضاء العميل.وما أن فرغت من القراءة حتى تساءلت عن مدى أهمية ( العملاء ) بالنسبة لشركاتنا الخاصة ثم تساءلت أيضاً هل العملاء لدينا تقدم لهم الخدمة كما هو الحال في كل بلاد العالم أم تفرض عليهم فرضاً جبرياً كما هو الحال في شركة الإتصالات السعودية مثلاً ...والتي إتبعت مؤخراً طريقة جديدة مظهرها خدمة العملاء وحقيقتها ( خدعة العملاء) فيحكي لي أحد الأصدقاء بأنه في أحد الأيام إستقبل إتصالاً هاتفياً من خدمات العملاء في الإتصالات السعودية حيث إستفتح معه المأمور المكالمة بالعبارة الأخاذة السالبة للعقول بطريقة سطحية جداً في ( خداع العميل ) حيث قال له مبروك لقد فزت معنا بإشتراك مجاني وتم رفع سرعة الإنترنت لديك لمدة شهرين ...هنا ماكان من صديقي إلا أنه شكر الموظف الذي هاتفه ثم أسرع وهاتف الكثير من زملائه وهو ينقل لهم اللطف وسعة الصدر المستغربة من الإتصالات السعودية ...ثم بشرهم بما بشرة به موظف الإتصالات ...أحد الأصدقاء كان أكثر ذكاءً وأكثر كشفاً للحكاية حينما راهن ( صديقنا صاحب الهاتف ) بأنه لن يستطيع الفكاك من تلك الخدمة وأنها وإن كانت لشهرين مجاناً لكنها بعد ذلك سوف تستمر دون إنقطاع حتى لو حاول إيقافها لن يفلح. هنا دخل الخوف لصديقنا صاحب الهاتف والذي بادر بالإتصال على مأمور الخدمة وسأله كم سرعة الإنترنت لهاتفي فأخبره المأمور بأنه تم تعديلها للسرعة الجديدة ..هنا غضب صديقنا وقال للمأمور ولكني لم أطلب ذلك ...ثم قصّ عليه تفاصيل الحكاية أعلاه ...وما كان من المأمور إلا أن قال له ( والله ياسيدي الذي أمامي أنك طلبت إدخال الخدمة ولم تُعرض عليك كما تقول ) ..هنا إشتط صاحبنا غضباً وغيظاً وقال للمأمور حسناً فضلاً لا أمراً ألغي هذه الخدمة من هاتفي وأرجع لي السرعة القديمة ...فكرر المأمور طلب العميل بالأدب المعهود من موظفي الإتصالات السعودية ..أنت ترغب في إلغاء الخدمة وإرجاع السرعه القديمة صحيح ماقلته يافاضلي ...فقال صديقنا نعم صحيح ...ثم إنتهت المكالمة ...وعند صدور الفاتورة بعد شهرين يتفاجأ صديقنا بأن الخدمة ما زالت سارية المفعول ...ليشتط غضباً ويرعد ويزبد ويعاود الإتصال من جديد ليجيب عليه موظف الإتصالات بعد ( ربع ساعه ) ..بالأدب المعهود كيف بإمكاني خدمتك ...فيحكي صديقنا له القصة من جديد فيكرر الموظف أنت ياسيدي ترغب في إلغاء الخدمة وإرجاع السرعة القديمة صحيح ماقلته يافاضلي ...فقال صديقنا نعم صحيح ...ثم إنتهت المكالمة ...وعند صدور الفاتورة بعد شهرين يتفاجأ صديقنا بأن الخدمة ما زالت سارية المفعول ..وأستمر صديقنا على ذلك الحال شهور طويلة والسبب ( رقي خدمة العملاء ) لدى شركة الإتصالات السعودية .
المشهد أعلاه يؤكد أن الكثير من الشركات الخاصة تحمل عبارة ( خدمة العملاء) كشعار خالي من المصداقية ..والدليل على ذلك هو ضعف التدريب الملاحظ لدى الموظفين ..فحسبك أن تصدر تلك الشركات قراراً جديداً ثم تتصل بأحد موظفي الشركة ليخبرك عن بعض تفاصيل القرارات الجديدة المتعلقة في الخدمة المقدمة لتجد أن الموظف ليس لديه أي خبر عن المعلومة التي سألته عنها بل ولا تستغرب أن يكون سؤالك هو السبب في معرفة الموظف بتلك القرارات للمرة الأولى...والمضحك المحزن في ذات الوقت أن تكتفي تلك الشركات بالتدريب الورقي فقط ..كتعميم يُطالِب الموظف بالتوقيع على إطلاعه دون أن يكلف نفسه قراءة ذلك التعميم في أحيانٍ كثيرة .مثل تلك الشركات في حاجة لإعادة تأهيل موظفيها كمحاولة في الحفاظ على ماتبقى من إسمها وإلا أن الفشل سيكون حليفها ولاشك .