يمتطي صهوة إرادته، متوشحا عباءة الصبر، مبرزا سيف رغبته في تحقيق ذاته، لم تقو ظلمة عينيه على إعاقة بصيرته، ولا قريته النائية على تكبيل طموحه. أحمد كريدم المحياوي (30 عاما)، شاب كفيف يقطن قرية المقرح النائية شرقي محافظة أملج، لم تتح له فرصة الالتحاق في أي من المعاهد المتخصصة، لينشأ أميا لا يقرأ ولا يكتب، وتتالت أيام وأعوام عمره، حتى وقف في مفترق طرق، ولسان حاله «أكون أو لا أكون» وهو على أعتاب الخامسة والعشرين من عمره، تمكن من أن يسبق أقرانه المبصرين، وتعلم القراءة والكتابة بواسطة حاسوبه المحمول، وبدأ يجول في دهاليز الشبكة العنكبوتية بمساعدة أبناء قريته، قبل أن يتمكن من توفير مبلغ خمسة آلاف ريال العام الماضي ثمنا لبرنامج ناطق للمكفوفين. كريدم أصغر إخوته، أصبح مرجعا لهم ولأبناء قريته في مجال الحاسب والإنترنت، يقول «تستهويني البرامج الحاسوبية، فهي تحقق لي التميز والابتكار، وبدأت في صنع فلاشات ترحيبية وبطاقات، وأعمل حاليا على تعلم البرمجة، لكني تعثرت بانعدام الجهة الراعية للمكفوفين، إلى جانب الأسعار الباهظة للأجهزة الحديثة لهذه الفئة من ذوي الاحتياجات الخاصة» لافتا إلى حاجته الماسة لجهاز (برنتو) الشامل للمكفوفين البالغ ثمنه 21 ألف ريال لأتمكن من تطوير مهاراتي، والتعرف إلى عالم البرمجة وأكمل صنع برنامجه الخاص». أحمد كريدم كمن وجد نفسه أثناء بحثه عن شيءٍ آخر، فالفتى الكفيف لم يحصل على حقه في التعليم، وعزا ذلك إلى انعدام الوعي الأسري وبعد المعاهد المتخصصة، ولم يدرك سوء الوضع إلا في سن ال 25 عاما، فتنبه لأهمية الموقف، ورغم ذلك لم يبد حماسه لارتياد فصل خاص بمدارس التعليم العام، مشيرا إلى أنه وجد في الحاسب الآلي وشبكة الإنترنت فرصته في تعليم نفسه واستدراك ما فات. ومضى كريدم في حياته متنقلا بين المواقع الإلكترونية والمنتديات، واهما أنه تجاوز عقبة التعليم حتى شارف على الثلاثين ربيعا، فبحث عن وظيفة تؤمن له حياة كريمة، إلا أنه اصطدم بالمؤهل التعليمي مجددا كشرط أساسي للتوظيف رغم إجادته (الكمبيوتر).