كنت أسابق خطواتي، وأشحذ همم أنفاسي، وأزيد من سرعة عجلات حقيبتي، وأرجو أن تنطوي الأرض من تحتي؛ حتى أصل لبوابة صعود الطائرة التي شارفت على الإقلاع… وعندما تلاقت عيناي مع لمعان زجاج ذلك المدخل الموصل لعتبات الطائرة، بدأت أنفاسي تسكن بعضها البعض، وأخذت خطواتي تتثاقل بتوجس، وبينما نظراتي تبحث عن مسؤول العبور.. إذ بها تلمحه يشير بيده المثبطة بأن الوقت قد أزف، وأن الطائرة قد أقلعت بركابها وبمقعدي الفارغ، فعاوت أدراجي وأنا أرمق عبارة (النداء الأخير) قد بدأت بالتلاشي من شاشات التنبيه. دقائق معدودات فصلت بيني وبين رحلتي التي قد خططت لها منذ زمن؛ حينها أخذت تتزاحم الأفكار في ذهني كما تتزاحم حبات اللؤلؤ ناظمة عقد فكري: – فحبات العنب الصغيرة قد تبخس الميزان. – وقطرات المطر قد تملأ الوديان. – وصفر لا قيمة له قد يغير نتائج معادلة رياضية. -وميل واحد عند الوقوف أمام الإشارة قد يصدر مخالفة مرورية. -ومسافات يسيرة بين السيارات قد تؤدي لحوادث شنيعة. -وجرعات دواء قليلة قد تشفي مريض وتهلك آخر. هي أمور يسيرة لكن نتائجها ربما لا تكون في الحسبان، فكم ضاعت من بين أيدينا فرص لأننا لم ننتهزها بلحظة، وكم أهدرنا من الدقائق والساعات وربما الأيام لم نستثمرها في تحقيق أهدافنا، وكم تعجلنا بصلوات لم نهبها حقها من السكون والطمانينة….. وكم، وكم، وكم. فالوقت يمضي فإن لم نمضي معه؛ فقد حكمنا على أنفسنا بالتخاذل، حيث أن العمر الدنيوي قصير وسوف يسير على عجل. وفي لحظة عابرة، مرت بي امرأة مسرعة تلهث من شدة الهرولة المتوجسة، وتتلقف عيناها كل شاشات التنبيهات باحثة عن بوابة صعود الطائرة التي ستقلها لوجهتها،، وأنا أرمقها وقد هدأت عواصف غضبي، وأستجمعت سكناتي قواها، وكأن حالي يقول سارعي خطواتك أكثر يأخية فإن تأتي متاخرة خيرا من أن لا تأتي أبداً، واصلي المسير فالهدف قد نحصل عليه ولو بالرمق الأخير من وقته، جاهدي نفسك حتى تملأي الحياة فرص قيمة وثرية، وما لا يدرك كله فلا يترك جله، المهم أن نعي أنا وأنت: أن الحياة فرص، الحياة لحظة، فلنستغل اللحظة من أجل الفرصة. كتبه: أ.نهى المطارد توتير: @nuha_almutared